اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

سبب الخلاف بين روس والمغرب(II)

كتب بواسطة : futurosahara on 24‏/09‏/2012 | الاثنين, سبتمبر 24, 2012


السيد حمدي يحظيه 
رغم أن المبعوث الشخصي الحالي للأمين العام الوديع، الهادئ، الذكي، الذي يتكلم العربية بطلاقة لم يفعل إلى حد الآن أي شي علني يمكن أن يزعج المحتل المغربي، إلا أن حكومة هذا الأخير " الإسلامية" أشعلت النار فوق رأس رووس وتحت قدميه، وطلبت منه، سرا وعلنا، عدم المضي قدما في مهمته التي كلفه بها الأمين العام منذ وقت طويل. الذي يمكن أن يثير بعض التساؤلات البديهية والتهكمية في آن هو لماذا هذا الهجوم وإشعال النار فوق رأس رووس وتحت قدميه من طرف المغرب، رغم عدم صدور تصريح أو تلميح أو تلويح أو خطة أو أي شيء آخر من طرف رووس يمكن أن يجعل المغرب يتنرفز ويفقد صوابه؟ 
فالمهتمون بالشأن الصحراوي وبمتاهة المفاوضات الرسمية وغير الرسمية لم يسمعوا ولم يتسرب إليهم- إلى حد الآن- أي شيء يمكن أن يجعل المغرب يطالب برأس رووس. فإلى حد الآن لم يتقدم رووس خطوة واحدة إلى الأمام، ولم يقدم – علنا على الأقل- خطة إلى مجلس الأمن أو إلى الأمين العام يمكن أن تحرج المغرب أو تجعله يمكن أن يقوم بما قام به. وحتى لو كان رووس الحالم، الرومانسي قد قدم في مفاوضاته غير الرسمية وغير المباشرة خطة سرية لا تعجب المغرب إلى الطرفين، كان هذا الأخير( المغرب) قد سربها إلى صحافته وطبوله ونفخ بها أشداقه وأوداجه ووجد فعلا الأرضية " الصلبة" التي يرتكز عليها في محاولته لطرد رووس والتخلص منه وكسر عظمه.؟ إذن في الأمر سر ما قد تكون له علاقة بموضوعين: الصراع الداخلي في المغرب بين الملك وحكومة بن كيران المغضوب عليها، أو قد يكون عمل تكتيكي في وجه الانتخابات الأمريكية، أو، في أحسن الأحوال، قد يكون له ارتباط بالشائعات التي تقول أن رووس يفكر جيدا في العودة إلى خطة بيكر الثانية ( حكم ذاتي لمدة خمس سنوات يكون متبوعا باستفتاء) ويريد النفخ فيها وسقيها حتى تعود إلى الواجهة. 
إذا تلمسنا وتحسسنا ما هو موجود بين أيدينا لا يوجد دليل أو معلومة متداولة على الطاولة تفيد أن رووس لديه خطة جديدة يريد عرضها على مجلس الأمن أو على الأمين العام أو على الأطراف تحرج وتغضب المغرب او تجعله يفقد صوابه هكذا ويريد التخلص من رووس. إذن ما دام الأمر هكذا فعلينا أن نخمن ونربط الأشياء ببعضها البعض، ونجمع ما هو موجود أصلا بين أيدينا لنصل أو لنقترب، على الأقل، من سبب غضب المغرب المفتعل على رووس . 
1- الخلاف الداخلي في المغرب: 
في واقع الحال هناك خلاف داخلي مرير في المغرب بين الملك وحكومة " الإسلاميين" التي يترأسها بن كيران وشلته من أمثال العثماني والدوادي ومصطفى الخلفي والرميد والآخرين. فالملك منذ مدة وهو يحفر الحُفر في طريق هذه الحكومة حتى يسقطها سقوطا حرا؛ فتارة يقطع عنها التمويل، وتارة يورطها مع الجزائر، وفي هذا السياق لا يمكن، إطلاقا، استبعاد أن يكون الملك أعطى أوامر لهذه الحكومة أن تراجع سياستها الخاصة بقضية الصحراء الغربية التي تمر، حتما، بتغيير المبعوث الشخصي للامين العام، رووس، ومحاولة فرض أمر واقع يتسم برفض المشاركة في اية مفاوضات مباشرة قادمة لا يكون مخطط "الحكم الذاتي" هو موضوعها الوحيد. 
إن محاولة التخلص من رووس قد جرَّ الويل على الحكومة المغربية وحدها دون الملك. فبين ليلة وضحاها وجدت حكومة بن كيران ورئيس دبلوماسيتها، العثماني، نفسها في مواجهة مع الأمم المتحدة وأمينها العام ومع الولايات المتحدة الأمريكية ومع الجميع. فإذا كان الملك قد طلب من حكومة بن كيران مراجعة الموقف بشمولية من قضية الصحراء الغربية فهو كان يروم فقط توريط الحكومة في متاهة ستجد نفسها في يوما عاجزة عن الخروج منها وهو ما حصل. 
2- هل للقرار المغربي علاقة بالانتخابات الأمريكية المقبلة؟ 
في واقع الأمر يراهن المغرب تاريخيا على نجاح الجمهوريين المعروفين بتهورهم وبوقوفهم مع الأنظمة الديكتاتورية في العالم والتي من بينها المغرب. فالحزب الجمهوري، عش الصقور، كان دائما مدافعا متعنتا عن النظام المغربي على مدى وقت طويل. في هذا الإطار يجب إن نستوعب أن من ساعد المغرب على احتلال الصحراء الغربية هم الجمهوريون بقيادة هنري كيسينجر وجيرالد فورد سنة 1975م، وهم من أعطى إشارة المسيرة "الخضراء"؛ كما يجب أن لا يغيب عن بالنا وأذهاننا أن الرئيس بوش، الابن، كان هو من طلب من بيكر الاستقالة سنة 2004م من منصبه كمبعوث شخصي للأمين العام بطلب من المغرب. الآن ربما يتكرر نفس الشيء: يراهن المغرب على نجاح الجمهوريين في الانتخابات القادمة كي يربح أربع سنوات أو ثمانية من المماطلة. فالمغرب متأكد أو شبه متأكد أن شكواه وتزلفه للجمهوريين وتقديمه لخدمات مجانية لهم مثل فتح المطارات والسجون السرية للطائرات الأمريكية مجانا أيام حربي الخليج وحرب أفغانستان يمكن يكون ثمنها مساعدة في قضية الصحراء الغربية. 
ورغم إن أوباما، الرئيس الحالي، لم يفعل أي شيء علنا، ولم يحدث أن تحدث عن قضية الصحراء الغربية صراحة، إلا أنه في الخفاء مشمئز من تصرفات المملكة المغربية، وفي نفس الوقت، وتخوفا على مصالحه، ليس مستعدا للدخول في عراك معلن المغرب حول قضية لا تجني منها أمريكا ربحا مستقلة أو غير مستقلة. فكل ما عرفنا عن ما قام به أوباما هو انه، في بداية عهدته، بعث رسالة إلى الملك المغربي يطلب منه فيها " أن يتعاون مع الأمم المتحدة في قضية الصحراء الغربية." انتهى. بعد ذلك كان هناك صمت أمريكي مطبق وغير مفهوم لم تفك شفرته إلا بعد تصريح المغرب مؤخرا أن الإدارة الأمريكية لا تؤيد سحب الثقة من رووس. 
في هذا الإطار لا يمكن أن نغفل إن سحب الثقة من روس قد يكون عملا تكتيكيا مغربيا يروم تضييع الوقت وانتظار نتائج الانتخابات. فالظاهر أن رووس لا يريد الخروج عن دائرة القانون الدولي، وخاصة تقرير المصير للصحراويين، لكن المشكلة التي تواجهه هي كيف يمكن الوصول إلى ضمان هذا الحق في وجه محتل مغربي شرس مدعوم تقليديا من طرف فرنسا ومسكوت عنه من طرف أمريكا. من جهة أخرى يجب أن نضع في لب الأعتبار أن جبهة البوليساريو تضغط هي الأخرى بما تملك كي يتم الخروج من عبثية المفاوضات غير الرسمية والدخول في مفاوضات جادة. فالمفاوضات القادمة توصف في الداخل الصحراوي بانها مفاوضات الفرصة الأخيرة: إما أن تصل الأمم المتحدة إلى نتيجة وإما أن تنفض يدها من القضية بصفة نهائية. هناك إلحاح صحراوي شعبي كبير وضغط حتى على البوليساريو كي تعود إلى الحرب وتنسحب من مفوضات عقيمة لم تصل على مدى عشرين سنة إلى نتيجة. 
إن المؤشرات توحي إن المغرب، حتى لو قبل التعاون مجددا مع رووس، سوف يتعامل معه ببرودة أكثر من اللازم، وسيجعله يحس أنه غير مرحب به. فوقوف الأمم المتحدة وأمينها العام وحدهما لا يكفيان لجعل رووس يمضي قدما في مساعيه. فحتى ينجح رووس لا بد له من ضغط كبير، أمريكي مثلا، في مجلس الأمن حتى يتحرك. إذن، وهذا مجرد تحليل فقط، قد لا تجري مفاوضات جادة ناجحة في عهد الإدارة الأمريكية الحالية، وقد يفرض علينا " بالذراع" أن ننتظر حتى نهاية الانتخابات الأمريكية في نهاية السنة.
وكمحصلة، كل المؤشرات تدل إن قضية سحب المغرب للثقة من المبعوث الشخصي، رووس، هو عمل تكتيكي يهدف إلى محاولة الملك المغربي توريط حكومته أو، إذا لم يكن هذا، له علاقة بالانتخابات الأمريكية المقبلة التي يتلهف المغرب على فوز الجمهوريين فيها. ما عدا ذلك فإن رووس – حسب علمنا المحدود- لم يقدم خطة ولم يصرح بأن الحل الوحيد لقضية الصحراء الغربية هو تنظيم استفتاء تقرير المصير. 
sidhamdi@yahoo.es