اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

10 ماي والتاريخ يسجل

كتب بواسطة : futurosahara on 14‏/01‏/2013 | الاثنين, يناير 14, 2013


اسلامه الناجم
يستحق حدث بارز وتاريخ مجيد كتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، في ذكراه الأربعين أكثر من هذا التخليد الباهت والتهريج التافه، فاعلان الجبهة يمثل بحق بداية تاريخ جديد للشعب الصحراوي وشهادة ميلاد سياسي له يضع نهاية قاطعة  لقرون من الغياب والتغييب عن مسرح العالم .
 لم يقتصر تأثير 10ماي 1973 على الشعب الصحراوي فحسب بل امتد إلى كامل منطقة الشمال الإفريقي برمتها وبعض العواصم العالمية فمنذ ذلك اليوم إلى الآن – وليس في الأمر مبالغة – والحدث ونتائجه حاضرة التأثير في المنطقة ،لقد كان تأسيس الجبهة هو اللبنة الأولى التي قام عليها صرح الدولة الصحراوية وأساسه ، فلولاه  لم يكن وجود لباقي الأحداث ولا المكاسب التي أنجزها وحققها شعبنا خلال مسيرته التحريرية المتواصلة من اندلاع الكفاح المسلح إلى الوحدة الوطنية إلى إعلان الجمهورية . لقد غير  10ماي 1973 مسار التاريخ  وأجهض جميع المخططات والمؤامرات التي تحاك ضد شعبنا ، قصد ابتلاعه وتذويبه من طرف اسبانيا وقتذاك أو إبادته من طرف المغرب وقت إذن .
 لن أقول في هذا الحدث العظيم  وفضله أكثر مما يعرف الصحراويون عنه، لكني سأقول أن ما أعلن عنه الأمين العام للجبهة رئيس الجمهورية يوم الفاتح من يناير 2013 بولاية السمارة  من انطلاق الاحتفالات المخلدة للذكرى الأربعين للجبهة لتتواصل على مدار العام ، ليس هو ما كان يتوقعه الشعب الصحراوي في شتاته و خاصة في دولة المنفى وفي الأرض المحتلة، فقد اعتقدنا أن جلال الحدث والمدة الزمنية الطويلة كفيلان أن تتخذ قيادة الجبهة قرارا أو قرارات ترتفع إلى  مستوى الحدث، وتنهي مرحلة رمادية طالت أكثر مما يجب تكاد تأكل مكاسبنا وتنسي انتصاراتنا ولن اعدد هنا مناحي الضعف والتراجع فهي أكثر من أن تحصر في هذه الورقة  والكل بات يعرفها ويعيشها و يعايشها أيضا كل يوم. وليس استنساخ احتفالية الجار الشقيق التي لها مبررات مختلفة.
فدخول الجبهة في عقدها الرابع يوجب خيارات أو قرارات من وزن،

 عسكريا :
    العودة إلى الكفاح المسلح مع تغيير التكتيك والاعتماد على القوة الصاروخية واختيار التوقيت نفسه 20 ماي   .
أو
    خرق لوقف إطلاق النار في مساحة محدودة وظرف وجيز لكنه موجع.
أو
     عسكرة الانتفاضة في الأرض المحتلة وجنوب المغرب وتخريب المنشآت الاقتصادية خاصة المتورطة في نهب الثروات الوطنية  .
ومادام الجبهة تصر على السير في الحل السلمي للصراع لأسباب قد تكون وجيهة هي أدرى بها فأمامها خيارات من قبيل :
     التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب العضوية.
أو
    تنظيم مسيرات شعبية ضخمة نحو جدار العار المغربي والاعتصام أمامه ودعوة الصحافة العالمية للتغطية .
أو
    اعتصام جماهيري حاشد بإحدى ساحات مدينة العيون المحتلة.
أو
    اختيار توقيت موحد وليكن يوم ذكرى تأسيس الجبهة يتم فيه "اقتحام" سلميا السفارات المغربية في العواصم العالمية و رفع الأعلام الوطنية للفت أنظار رأيها العام إلى القضية الوطنية .
أو
    النزوح  المكثف إلى الأراضي المحررة  واعمارها.
قائمة الخيارات كثيرة ويمكن إجراء استشارة شعبية لمعرفة أجداها و أقواها مفعولا لكن المهم القرار. أما الاستمرار في تشتيت الجهد وتبذير المكاسب وهدر الوقت، واستغلال هذه المحطات الجليلة لتكرار خطاب ممجوج وممل -لا يهش ولا ينش – بل انه يقزم من حيث لا يدري هذه المكاسب ويسطح مفهومها ، فمنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ  والمحافظة عليه وتعليق أو إعاقة العدو لباقي مخطط السلام الرامي إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير والذي لأجله تم إسكات المدافع، وقيادتنا لا تبرع في شيء -إلى جانب خبرتها  في الإثراء من مال الصدقة- أكثر من تتفيه  القضية وتسفيه الشعب وترك الحبل على الغارب للفساد والمفسدين  .
في الذكرى الأربعين لتأسيس البوليساريو على قيادتها أن تعيد النظر مليا وجديا في عديد القضايا والسياسات لان مياها كثيرة جرت في النهر خلال هذه العقود الأربعة ولاسيما العقدين الأخيرين وعليها أن تدرك أن الشعب شب عن الطوق، وان شبابه لا يقل وعيا ومسؤولية عن نظرائه في العالم .
تمر الآن أربعون سنة على الحدث التاريخي ، والذي حول الصحراويين من شعب بدوي بدائي إلى امة حية تتطلع إلى الرقي والى حياة كريمة في ظل دولة موفورة السيادة والكرامة مثل باقي أمم الأرض ، والتي لأجلها قدم الصحراويون التضحيات الجسام وقوافل الشهداء والجرحى ومعاناة إنسانية لا يعلم حجمها و أبعادها  إلا الله ، وكان في جملة ما قدموا أنهم مزقوا كل الهويات التي بحوزتهم بسبب الاستعمار والشتات وتخلوا عنها من اجل هوية وطنية صحراوية، غير أن الهوة السحيقة  بين طموحات الشعب الكبيرة  وضحالة فكر وتسيير قيادته وضيق افقها ورؤيتها،جعلت المشروع الوطني يتعثر وتتباطأ خطواته، و تكرست  قيادات دهرية لا تطالها المساءلة ولا يقربها التغيير. فعاودت القبيلة الظهور بأبشع صورها جارفة في طريقها شكل الدولة لتحيل مؤسساتها إلى فرقان ، وطفق الصحراويون  من جديد يبحثون عن هويات أخرى والمثال الطاغي هذه الأيام الهجرة الجماعية إلى بير أمقرين الموريتانية ولو توفرت السهولة ذاتها التي في الإحصاء الموريتاني في مكان آخر  لتوجهوا إليه.
في الذكرى الأربعين لميلاد البوليساريو يتوجب على قيادتها أن تتقي الله في شعبها وان تحفظ عهد الشهداء وان تقدر تضحيات الشعب ومعاناته في سبيل الكرامة والوطن حق التقدير، فترتفع إلى مستوى الذكرى والحدث بان:
    تصالح التاريخ  بالعودة إلى حضن الجماهير  الذي تقوقعت عنه في  مناصب ومكانة وهمية.
    أن تعيد ترتيب البيت الصحراوي وتفتح نوافذه للتغيير الذي هبت رياحه في كل العالم خاصة المتكلس منه والآسن كحالة عالمنا العربي.
    أن تمكن للديمقراطية والتي تعني إشراك الشعب في قراراته المصيرية والتداول على السلطة.
    أن تراعي الأولويات بدقة  وترسم على اثرها استراتيجية واضحة في التعامل مع العدو ومع العالم .
    أن ترشد مواردها الشحيحة من التبذير على أشياء تافهة من قبيل الاحتفالات و (اطراطيق) .
و إلا فإننا سنعيد تجربة فتح الفلسطينية بتراجيديا أعمق  ونكبة اكبر ساعتها لن يرحم التاريخ  هذه القيادة وسنردد جميعا10 ماي و 20 والتاريخ يسجل بلحن اخر  ومعنى مختلف.