اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

ما قاله ولد هيدالة وما لم نقل نحن...

كتب بواسطة : futurosahara on 12‏/01‏/2013 | السبت, يناير 12, 2013

السالك صلوح
محمد خونة ولد هيدالة رجل موريتانيا القوي في السبعينيات و منقذها من اتون "الحرب الخاسرة" التي زجها فيها الحسن الثاني ملك المغرب  انذاك و في مذكراته التي عنونها ب " محمد خونة ولد هيدالة من القصر الى الاسر".. والتي يتحدث في جزء منها عن تجربة دخول موريتانيا "الداداهية " للحرب ضد الصحراويين العزل وقتها، وكيف كانت تسير الامور على الجبهة التي كان يخوض فيها المقاتلين الصحراويين المعارك على جبهتين ضد القوات المغربية الغازية من جهة و ضد القوات و المصالح في المدن الموريتانية التي ظلت عرضة لهجمات الجيش الصحراوي، طيلة كل تلك السنوات وحتى خروج موريتانيا من الحرب بعد الاطاحة بنظام ولد دداه الذي كان يحسب على تحالف المغرب - باريس العدو للصحراويين وحلفائهم بالمنطقة، لقد تحدث ولد هيدالة في الجزء الخاص من كتابه بقضية الحرب مع الصحراويين عن تجاربه كشاهد على الاحداث التي وقعت وكيف تصرف هو و غيره من الضباط الموريتانيين على ساحة المعركة، و كيف كان ينظر الموريتانيين الى مشاركة جيشهم في الحرب على اخوتهم و جيرانهم ؟.. وما المصلحة من ذلك ؟! .. و من باب انه شاهد على ما حدث وقتها كاحد قادة الجيش الموريتاني يبقى ما قاله ولد هيداله في كتابه احداث تاريخية "صحيحة" الى ان يتحدث الصحراويين من الذين عاصروا تلك السنوات و كانوا وقتها في الطرف الاخر نظير ولد هيدالة وغيره من الضباط والجنود الموريتانيين الذين شاركوا في تلك الحرب التي ارغم عليها الصحراويين و خاضوها مكرهين وهم يعرفون بان عدوهم فيها هو النظام العميل للمغرب وحليفته فرنسا وليس الشعب الموريتاني الشقيق الذي يتقاسم معه الصحراويين الدم واللغة والدين والثقافة ، لقد كان من الواجب علي كقارئ ان اًتوقف عند بعض مما قاله ولد هيداله عن معركة "عين بنتيلي" وكيف انه وصف القوة المهاجمة للبلدة الموريتانية الحدودية كانت قوة جزائرية "جيش دولة مجاورة" حسب زعمه وهو ما لم يكن صحيحا بتاتا بحيث ان من قاد عملية الهجوم على السرية الموريتانية في تلك المنطقة هي وحدة عسكرية تابعة للجيش الصحراوي و لم يكن من بينهم اي جزائري واحد ولا حتى العتاد ولا السلاح المستعمل في القصف و الهجوم ، لقد برر الجنود الموريتانيين الناجون و الذين فروا وقتها من ساحة معركة "عين بنتيليي" و عملية "بئر ام كرين " بعدها هزيمتهم بالقول ان القوة التي باقتتهم بعزيمة كبيرة كانت "قوة جزائرية " ولم تكن من الصحراويين !!.. حتى يشفع لهم ذلك عند قياداتهم و حتى لا يوصفون بالجبن.
ومما استطرد فيه ولد هيدالة كذلك وهو كثير مسالة تسليح المقاتلين الصحراويين وقتها والذي لم يكن الى درجة وصفه بالحديث والمتطور بحيث ان جل ما كان يملكه الصحراويين وقتها هي في احسن الاحوال سيارات لاندروفر وبنادق الكلاشينكوف الالية بالاضافة الى مضادات الدروع التي استعملت في الهجوم على نواقشوط ، ليس الا ..! ولكن عزيمة الرجال وصبرهم وجلدهم كانت التسليح الحقيقي الذي خاض به المقاتلين الصحراويين وقتها تلك الحرب ووصلو ا به الى مهاجمة القصر الرئاسي بالعاصمة نواقشوط والى اسقاط الطائرات و استهداف سكة قطار نقل الحديد من مناجم الزويرات و اسر الفرنسيين الذين ظلت طائراتهم "الجاكوار" تحرق الصحراويين بالجحيم المصبوب من السماء، لقد قيل وقتها بان قوة جزائرية هي من اسرت العمال الفرنسيين ولكن الحقيقة هي ان مقاتلين صحراويين هم من نفذوا العملية وظلوا يحرسون الاسرى الى غاية تسليمهم والحقيقة ان الكتاب يتناول الكثير من الاحداث ولو باختصار عن تلك الحقبة و لكني ساترك فرصة الرد على ذلك للمؤرخين و لمن هم مؤهلون لكتابة مذكراتهم من الصحراويين .
انه في الوقت الذي اختار فيه ولد هيدالة و هو الرئيس الموريتاني السابق الذي قاد موريتانيا للخروج من الحرب ،و مازال على قيد الحياة ، ( قبل ان يرحل الى ربه) اختار ان يكتب للاجيال تاريخ تلك الحقبة بالرؤية التي يريد و من زاوية و يريد ان تحفظها عنه اجيال دولته وشعبه كما يريد ، نبقى نحن الصحراويين كمعنيين بتلك المرحلة و ككتاب و مثقفين و حتى عامة نقرأ و نستهلك كمعلومات ما كتبه هو و اخرون دون ان نحاول ان ندون او نكتب عن ذلك بانفسنا و نحتفظ بالروايات الشفهية في سرد التاريخ وحفظه وهي الطريقة التي تركنا بها للبعض الفرصة ان يكتب عن تاريخنا و يشوه امجادنا، رغم ان السيد محمد خونة ولد هيدالة هو اكثر الرؤساء الموريتانيين قربا من الصحراويين و يحسب له انقاذ الشعبين على حد سواء من ويلات حرب كارثية كانت ستزداد خسائرها على الطرفين لان الحرب هي الحرب و خاصة حرب الاخوة و لا انتصار فيها الا نهايتها كما يقال ، الا ان ما جاء به لا يمكن ان يكون كلاما مطلقا و "صحيحا كليا" وغير قابل للنقض من بابا تصحيح بعض الاحداث التي تمثل محطات في تاريخ الشعوب ويجب ان تحترم و تقال فيها الحقيقة كاملة غير مشوهة وبموضوعية ومن باب الاعتراف بالماضي ،اليوم لا يحمل الصحراويين حقدا للشعب الموريتاني عن تلك الحقبة بالرغم مما سببته الحرب من الالام والتي لازالت بعض جروحها الى اليوم لم تندمل بعد رغم مرور السنوات ، ولكن الموضوعية يجب ان تكون عند تناولنا للاحداث حتى لا تغيب الحقائق و تشوه فتختفي قبل غياب الشهود.