اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

الإذاعة الوطنية : رغم مظاهر الذبول فإنهم يرونها زمردة!

كتب بواسطة : futurosahara on 06‏/01‏/2013 | الأحد, يناير 06, 2013


بقلم : أحمد بادي محمد سالم 
بطريقة "اشهد اعليا ياطرف ملحفتي" خلدت الإذاعة الوطنية الصحراوية ذكرى إنطلاق بثها السابعة والثلاثين . ومضة إشهارية مرفوقة بصدى اصوات بعض مذيعيها ثم يصدح البلبل الشادي "نار نار نار" وتختلف علامات رفع ونصب الموقع الجغرافي الذي تبث منه الاذعة اشارتها لمستمعيها الاوفياء ثم تتواصل المسيرة بسيل مدائح بعض شعراء شباب التواصل ليختم مشهد الومضة بشهادة احد شعراء الثورة المميزين .
وهي على اعتاب الاربعين سنة حيث تكتمل لها "سن لعقل" بحسب المفهوم الشعبي لازالت الإذاعة الوطنية لم تنظر في المرآة بعين الحق كي تكتشف وجهها الحقيقي بعيدا عن مساحيق الإطراء وموسيقى الشوق للأيام الخوالي وصدى اصوات مذيعيها وهم يرددون كلمة واحدة بعدة لكنات، حتي يخيل للمستمع انها تبث من موريتانيا بالعربية والولفية وليس جنوب غرب الجزائر.
 الحول الذي في عيون القائمين على صوت الشعب الصحراوي كما يحلو لهم تسمية المخلوقة العجوز بحاجة ليس لكوري "افديرك" فحسب بل في حاجة ماسة الى دعوى الحجيج على صعيد عرفة . فرغم مظاهر الذبول وملامح الفقر الإعلامي ورغم هجرات الكفاءات بين الطرد والإنسحاب من واقع لايطاق لايزال في قلوب وعيون ولاة امور الإذاعة توق الى الريادة بوسائل الرداءة وحلم بتحقيق قفزة رغم ان الإذاعة تمشيء بمئة راس ولاتملك قدم واحدة كي تقف عليه " ماقام بعقالو ايقوم بثناه ".
وما دام الامر هكذا في عيون هؤلاء لاباس ببعض التمني ولاضير في الكذب على النفس وإن بالمدح الكاذب. ولكي تصدق ظلك عليك فقط ان تستضيف من يقول لك "اسكي  ماكيفك حد" .  وفي المساء يحلو السمر الكاذب مادام لايصل الى عمق الحقيقة .
إحتاج القائمون على صرح الإذاعة لإطراء ناعم من قبل مستميعات دائمات ووفيات في زمن قل فيه الوفاء كي يصدقوا انهم الاحسن والاروع وان صرحهم رغم انه يتهاوى لازال في عيون واسماع محبيه حجر كريم يضيء ليلنا السرمدي بكل الوان الطيف المفيد . من كل بستان معرفة تقدمه الإذاعة يفوح أريج الزهر الذي ينشر روائحه بين جنبات مخيمنا المتواضع حتى كاد الخلق من فرط  تتبعه لبرامج الأذاعة المفيدة ان يصاب بالصمم ."الطرش"
يريدونها هكذا زمردة وحجر كريم رغم انه وفي سنوات السلم الزائف عَمل النظام على سلخ جلد منجزات ومكاسب الإذاعة الوطنية الصحراوية عن جسمها وتركها جسد بلا روح ومرتع مستباح لكل من هب ودب شريطة فقط ان يسبح ليل نهار بإسم النظام وان يراكم جبل من وهم المكاسب المحققة في ظل زعامة "الرمز التاريخي" قائد البلاد المفدى .حامي حمى الإعلام والقضاء . وراعي ثورة البث لمدة  اكثر من  13  ساعة  في اليوم .
 وبهذه الطريقة الثورية الباهرة تحولت الإذاعة الوطنية من صوت للشعب الصحراوي المكافح الى بوق للنظام الثوري الفاشل .تحول سقطاته الى انتصارات وهمية تحتاج إفتتاحيات خشبية . ومسرحياته الى مؤتمرات شعبية للقاعدة فيها حق الإختيار . ولعبت بذلك دور غوبلز الهتلري بطريقة سيحفظها لها التاريخ بكل ود وإحترام مع نياشين إطراء عجز حتى الرئيس نفسه ان يهنيء بها رجالات الإعلام في يوم الحدث المجيد.
تهنئة الإذاعة بوق النظام في عيدها السابع والثلاثين سقطت سهوا من اجندة الزعيم رغم كومة مستشاريه الحريصين على نقل مايدب على ارض لحمادة من احداث لفخامته ومع ذلك لاشيء تغير . افراح الإذاعة استمرت بقهقهات مستميعاتها الوفيات وإشادات الشعراء الموهوبين لتكتمل فرحة الإطراء والضحك على الذقون .فبدل شيء من الجد ومحاولة إعطاء للحدث مايستحق من تقيم واستخلاص للعبر وجد القائمون على الإذاعة من يشهد لعروستهم بطريقة "كل قرد فعين امو اغزال".
لاشيء في صرح الإعلام الصحراوي القديم .الإذاعة الوطنية يستحق الإطراء او التثمين الآن، لا البرامج الدينية الخاوية من اي طعم وروح رغم تباكي مقدمها ولاالبرامج الثقافية التي يقلب النوم مذيعيها قبل ان تكتمل الحصة رغم ان بابا "غوغل" يقدمها جاهزة وطازجة لمقدميها دون حتى ان يجهدو انفسهم في مراجعتها كي تحاكي واقع المواطن اللاجيء كأن مثلا تتكلم المذيعة بصوت مبحوح عن حاجة الطفل لبيت ذا إضاءة خافتة وبجانبه زهور وان تقرأ له والدته حكاية على سرير النوم الوثير كي تنمو شخصيته متماسكة رزينة وان تقدم له صباحا حليب دسم او شوكولاطة تقوي الذاكرة.ههههه’,... . اما البرامج السياسية فاقم عليها مأتما وعويلا . وياتي الصباح بنفس برامج الامس .
سنوات الإذاعة العجاف هته يراها القائمون عليها حصادا وفيرا من البرامج المفيدة  التي تقرب المسافات بين القاعدة والقمة والتغطيات المستمرة ومن قلب الأحداث دون ان  تقلب الواقع المر الى  حلم ثوري ناصع .المواطن المنحوس بكل هموم الواقع تراه الإذاعة  ثوري نشط ومجد يحضر عن بكرة ابيه لكل فعاليات القيادة لايتأفف ولايمل يصدح بحنجرته لأجل الحرية وذلك حق لكنها لاتنظر اليه بمنظار صاحب الرأي الذي له الحق في حرية التعبير وحرية نقل همومه وآهاته للمسؤولين عبر وسيلة يستعملها كل بني جنسه على ارض البسيطة.
لذلك وفي منطق قوم الإذاعة  من حق المواطن ان يكون ظهر يركب لتحقيق برامج القيادة وليس بشر يتعب ويصيح ... اوقفوا المهزلة: :"مللنا كذبكم ايها الساسة" وبهذا الاسلوب فقدت الإذاعة مصداقيتها لدى المواطن البسيط وباتت تندب حظها لبعض مستمعيها الأوفياء المجاملين ليس إلا .
سئل بعض الحكماء عن ثلاثة اشياء لاتدوم فقال : مصاحبة السلطان والمديح الكاذب وظل الغمام فأي الاشياء سيتبعها القائمون على الأذاعة في باقي السنوات . الفائز سيكون ضيف برنامج "قوم تراثك " في العيد الثامن والثلاثين للسيدة العجوز!..