اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

"أسيادكم دارو الثورة و أنتوما تخرطو علينا" ؟؟؟...

كتب بواسطة : futurosahara on 16‏/09‏/2014 | الثلاثاء, سبتمبر 16, 2014

في الصورة الصحفي الصحراوي ميشان ابراهيم اعلاتي، والكاتب الجزائري علي رحايلية.
بقلم : ميشان إبراهيم أعلاتي.
في مشهد من مشاهد فيلم "الطاكسي المخفي" ـ فيلم جزائري ـ لمخرجه بن عمر بختي، هذه الموهبة السينمائية والفنية التي ضيّعتها الجزائر كما ضيّعت كل المواهب والأشياء الجميلة···
في ذلك المشهد تخاطب وردية بلهجتها العاصمية الجميلة التي تحمل الكثير من الغضب والتذمر والاحتقار "سي قويدر الزدام" قائلة : "أسيادك دارو الثورة .. وأنت قاعد تخرط علينا"! 1 .
هكذا بدأ الصحفي الكبير عمي علي رحالية في مارس 2009 مقاله الجريء الذي عنونه بذات العبارة المعبرة عن واقع الحال و المآل ...
تذكرت هذا المقال و انا اتابع التفاصيل المملة و النتائج المخيبة للأمال للإجتماعات المتكررة لما يعرف عندنا ب "الأمانة الوطنية"  التي خرجت من عقمها السياسي المستديم بمسودة لائحة سياسية "مااااااسخة" لا طعم و لا لون ولا رائحة لها ... لائحة تحاول أن تعطي الإنطباع من ورائها أنها عازمة و حازمة في الوقت ذاته على المضي قدما في الطريق الصحيح لتحقيق الهدف المنشود و الإستقلال المحتوم بعد مضي ما يقارب 3 سنوات من "النوم في العسل" المسموم 2ـ وحالنا يحاكي قصة هذا الفيلم الذي يتناول ظاهرة العجز الجنسي و يبقى عزائنا في الخذلان و الفارق بيننا و بينهم يكمن في عجز الخصوبة السياسية وفقدان المناعة و الفحولة ـ خاصة ان الوثيقة أقرت حرفيا ب "إستمرار بعض مظاهر الضعف في مجالات التسيير وسلوكيات وأداء بعض الأطر" ...
و من ضمن الخرجات غير الموفقة لطاقم "الخيانة الوطنية" إقرار خطة إستنفار يبدوا انها اتت في الوقت الضائع كلعبة إلهاء و محاولة لإمتصاص الغضب على مستوى الساحة الداخلية وكخطوة لتبرير الفشل المتضمن قرار التأجيل المخجل و المتوقع للمؤتمر العام في نسخته "طاش 14" ، ومن المواقف المحيرة ما أقدم عليه جلالته و حاشيته في ندوة "الإطارات المنومة مغناطيسيا" بولاية أوسرد أين اطنبوا الحضور بخطابات رنانة ـ تسويق الأحلام والأوهام ـ  و "خروطي" الفه الشعب ليل نهار على مدار السنين العجاف دون ان تتاح لهم الفرصة لمناقشة "الحبر الماسخ" خاصة أن "المسودة السودة" لم تأتي بالجديد ـ بالرغم من اتصافها بأنها حوصلة و نتاج ـ عقيم ـ لعمل كل اللجان و المؤسسات الوطنية، مما يعني أن لا شيء تغير على مدى أكثر من أربعين سنة وبقي الخطاب أجوف هو ذاته تلوكه الألسن و تنسخه الأجهزة الإلكترونية ووجوه شاخت و رؤوس شابت و اينعت و قد حان قطافها و سياسة عرجاء استفحلت و اصبحت تولي "للثروة" ـ كمفهوم ومعيار ـ و نهب المال العام اهتمام اكثر مما توليه "للثورة" و المصلحة العامة، سياسة تجسد مفهوم الإستيطان الدائم بالحمادة الجزائرية من خلال تحويل المخيمات البريئة من خيم في العراء تجسد حقيقة الثورة و المقاومة الى مخيمات أسمنتية ذات كهرباء و طرقات مزفتة كعنوان آني لواقع المرحلة الجديدة "اللجوء الدائم في مخيمات الرفاهية و بيع الأحلام الوردية في دولة المنفى" على غرار المخيمات الفلسطينية كمخيم جنين، و عين الحلوة و نهر البارد و مخيم نابلس و طول كرم  ومخيم جباليا و رفح و مخيمات الخليل ... الخ .
وفي المقابل لم يستجد على أرض الواقع  إلا إنتفاخ ظاهر للعيان في بطون و وجنتي بعض "تبتابت" الثورة كعلامة من علامات الرفاهية و الثراء الفاحش و "التبطرين و الشبعة" في حين ضاع المصير و بقي الشعب على حاله يقارع العدو وجها لوجه من جهة و يصارع الطبيعة و تداعيات الأزمات الإقتصادية والسياسية من جهة اخرى وفي كل يوم يخترع لنفسه سبب وعامل لخلق مقومات الصمود في وجه عاتيات الزمن بعد أن خذلته قيادته التي أوكل لها أمره و مصيره فهدمت العوامل المساعدة في تقوية التحدي من خلال تشجيع القبلية و تبني الفكر الضيق المبني على ثقافة و منهج "الدم المناسب" وتفشي التهميش و الإقصاء و تغزيم المبادرات الفردية الصادقة وفتح المجال بالتهاون أمام العدو المغربي و إتاحت الفرصة لعملائه للعبث بأمن المواطنين البسطاء و بمصير القضية و الثورة من داخل المخيمات ومن وسط خلايا التنظيم السياسي و الجمعيات الحقوقية بالمناطق المحتلة، كل ذلك امام الملأ دون حسيب أو رقيب و لا من شاف و لا من دري ؟؟؟ ...
بيانات و "خطابات لخروطي" أصبحت عادة سيئة يتفنن في ترديدها الزعيم الهمام و أعضاء امانته و حكومته بل و اصبحت تلك "الخرطاتۥ ضبحاً" بمثابة الرصاص الصدأ الذي تحاول قيادتنا ان تقنعنا بأنه سلاح تكتيكي فتاك و فعال قادر على مجابهة ترسانة العدو المغربي و كبح لجام إحتلاله و إنتهاكاته ...
تشبعنا القيادة الحالية و اعني تحديدا ـ جلالة الرئيس و الشلة ـ من كلماتها الرنانة المنفوخة و المشبعة بغازات فانتا وكوكا كولا في الوقت الذي كان يفترض ان ينتهجوا منهج اسيادهم الذين أسسوا و أعلنوا ثورة ال 20 من ماي و ان يبقوا على العهد بامتشاق السلاح وجعله لغة الواقع ـ لغة النار و الحديد ـ كوسيلة ضغط على العدو للإنصياع للشرعية الدولية و التخلي عن موقفه المتعنت و الدخول في مفاوضات "السخرية" بنية صادقة ـ مثال استراتيجية حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني ـ ، أما و الحال ما هو عليه اليوم بعد ان اتخذت قيادتنا "الرشيدة و الحكيمة" قرارها الإنفرادي و الديكتاتوري "الا مسؤول" بوضع السلاح و المقاتلين في الأرشيف و التخلي عن الكفاح المسلح كخيار استراتيجي دون أي إستشارة شعبية و لا ضمانات أممية و بعد ان اثبتت ال 24 سنة من الوقت الضائع عدم جدوائية الحلول السلمية بسبب تخلي الطرف المغربي عن إلتزاماته فإن جبهة البوليساريو و قيادتها "الهرمة" و المتعودة داااائما ـ ملزمة و غير مخيرة ـ إن أرادة طبعا مصلحة الشعب و القضية التي خذلتها بسبب سوء التسيير و التدبير و إن أرادة التصالح مع الذات و مع الشعب و مع أسيادها الشهداء ـ أن تراجع نفسها و سياساتها و خططها الآنية و المتوسطة و البعيدة المدى و كذا مراجعة الخيار الإستراتيجي و المنهج الذي يجب أن تتبناه الثورة كثورة حتى لا نتحدث عن دولة بمفهوما الكامل و الشامل ؟ ـ و يا حسرتي على دولة خراب لا توجد الا في مخيلة رئيس من ورق و وزراء وهميين و مجسدة في بنايات مكيفة منصوبة بالرابوني "هربوني" وهي ذاتها "الدولة " التي صرح جلالته بأنه مستعد لوضعها في الثلاجة" 4 ـ وذلك من خلال تنظيم ندوات حقيقة و فتح حوار و نقاش وطني صريح يضمن للجميع حق إبداء وجهات النظر و حرية التعبير و نقد التجربة بنية صادقة والخروج بخلاصات محكمة و ممحصة كأرضية للبت فيها بقرارات مصيرية في المؤتمر القادم من اجل تصحيح الأخطاء الكارثية قبل فوات الأوان و إلا فإنها ستؤدي بنا إن إستمرت على حالها إلى ما لا تحمد عقباه خاصة في ظل تصاعد وتيرة التبتيب و بيع الضمير و مد اليأس و الملل و الإحتقان والإختناق و تكرار الإخفاق و تفشي الشقاق في جسم الثورة المبتورة بفعل فاعل خائن مخل بالحياء الوطني .
أعود لمقال عمي علي الجميل و الطريف لأختم بمجمل الأسئلة التي اوردها في صدر مقاله لكونها اسئلة واقعية و محرجة في آن و مطابقة لحال ثورة "البوليساريو" خاصة حال بعض زعمائها و مناضيليها الوهميين ممن يتجسد فيهم وصف "السي قويدر الزدام " وعن ذلك يقول رحالية : 
"سي قويدر الزدام" كرمز وفئة، هو واحد من أفظع المآسي التي عرفها هذا البلد وهذا الشعب!··
فكم من ""قويدر الزدام"" الذي التحق بالثورة ولم يطلق رصاصة واحدة!·· ولم يدخل قطعة سلاح واحدة!·· ولم يضع قدمه على تراب هذا البلد أيام النار والدمار لساعة واحدة!·· ولم تسل من جسده قطرة دم واحدة·· ولا قطرة عرق واحدة! ...
وكم من ""قويدر الزدام"" التحق بالثورة في ربع الساعة الأخير·· وفي العشر دقائق الأخيرة·· وفي الدقيقة الأخيرة!·· وكم من ""قويدر الزدام"" أصبح ""مجاهدا"" بعد الخامس من جويلية 1962 وما بعد شهر جويلية! وما بعد عام 1962!·· بل هناك ما هو أدهش وأفظع وأمرّ، هناك أيضا ""قويدر الشهيد""·· ""قويدر"" الذي حارب فرنسا واستشهد·· لكن·· بعد الاستقلال؟!·
والسؤال الذي يطرح هو: كم فيك يا جزائر من أمثال ""قويدر الزدام"" و""قويدر الهفاف""، ومن أمثال هذا الذي ""أسيادو دارو الثورة·· وهو فاعد يخرط علينا""، على حد قول المرحومة وردية؟!
ونعيد نحن ذات السؤال :
كم فيك يا ثورة البوليساريو من أمثال المناضل و الزعيم "قويدر الهفاف"، ومن أمثال هذا القائد الذي "أسيادو دارو الثورة ·· وهو قاعد يخرط علينا" ويتشدق بالوطنية بمناسبة و بغيرها ؟؟؟...
المهم بالنسبة له ولأمثاله أن يضمن لنفسه كرسي ومنصب دائم على جماجم و جثث الشهداء و معانات العريفات الشريفات و المقاتلين الصامدين واللاجئين المسحوقين و جرحى الحرب و المفقودين في بحر الدم و الأنين ...
ـ هوامش و توضيحات :
1 ـ "أسيادك دارو الثورة، وأنت قاعد تخرط علينا"! صدر المقال في صحيفة الخبر الأسبوعي العدد رقم 524 من 11 إلى 17 مارس 2009 . وننصح من لمن يطالع المقال بقرائته ففيه عبرة لمن يعتبر خاصة و ان المقال يتحدث عن التجربة البطولية للشهيد العربي بن مهيدي في مواجهة جبروت الإحتلال الفرنسي وتحديه المستميت في وجه الكولونيل بيجار ومساعده بيار آلير و الجينرال بول أوساريس و غيرهم من الجلادين الفرنسيين .
اما "سي قويدر الزدام" يجسد شخصية المجاهد المزيف الذي ظل و على مدار احداث الفيلم يتحدث عن بطولاته الوهمية و انجازاته التاريخية اثناء الثورة وهي انجازات من "لخروطي" ما انزل الله بها من سلطان .

2 ـ "النوم في العسل " عنوان لفيلم مصري انتج سنة 1996 بطولة عادل إمام ودلال عبد العزيز وشيرين سيف النصر، يظهر عادل إمام في دور رئيس مباحث القاهرة " مجدي " الذي يكتشف وباء يسبب العجز الجنسي للرجال بما فيهم نفسه، وتحاول الحكومة إخفاءه بطريقة "كله تمام" خوفا من مجابهة المشكلة ويرفض مجلس الشعب ووزارة الصحة التحقيق فيه ويلتقي بصحفية شابة تحاول نشر الموضوع في الصحافة، ولكنها تصطدم بمعارضة رؤساءها، في حين يواجه المسئولون الرسمين الظاهرة الغريبة بحالة من التعتيم الإعلامى والإنكار، وبينما تتابع الصحفية النشطة ومحررة قسم الحوادث في إحدى الصحف القومية هي الأخرى موضوع الظاهرة التي انتشرت بين الكثير من الرجال تتفاجأ بمعية العميد مجدي بمحاولات التعتيم الإعلامي والتكذيب الرسمي لإنتشار الظاهرة وتلقيهما أوامر عليا بإيقاف البحث في الظاهرة والتحقيق فيها، فيستقيل العميد مجدي من منصبه ويقود مظاهرة سلمية ضمت آلاف المتظاهرين المصابين بظاهرة العجز الجنسي إلى أن وصلت المسيرة إلى مجلس الشعب في مشهد مهيب مكتفين بترديد كلمة (آه) كتعبير عن حالتهم في دلالة واضحة على مدى تردي حالتهم  الصحية والنفسية، في مشهد يستبق الأحداث الثورية والمظاهرات والإضرابات بما يزيد على 15 عاماً قبل حدوثها بشكل حقيقي في ثورة يناير بمصر الشقيقة ولكن لأسباب أخرى ... و الله افكنا من شين لعقوبة وسوء المآل.
3 ـ الخبر نشر في يومية النصر الجزائرية يوم 18-12-2010  و المصدر مقابلة مع وكالة الأخبار المستقلة الموريتانية .

يمكنك مشاركة الموضوع مع اصدقائك عن طريق الضغط على إشارة الفيسبوك ادناه.