أكد الدكتور حمدي الكروي ولد السالك، الباحث في العلوم السياسية بجامعة ''لييج'' ببلجيكا والمختص في العلاقات بين دول المغرب العربي ودول الساحل، أن إقدام المملكة المغربية على سحب الثقة من مبعوث الأمم المتحدة للوساطة في ملف الصحراء الغربية محاولة لربح الوقت، مشيرا أن المملكة تراهن على دفع البوليساريو لحمل السلاح، ما قد يضعف موقفها في نظر المجتمع الدولي.
اعتبر المتابعون لملف الصحراء الغربية إقدام المغرب على سحب الثقة من كريستوفر أمرا متوقعا، بالنظر لاتهامه المباشر للسلطات المغربية بعرقلة عمل ''المينورسو''..
أعتقد أن سحب الثقة من الوسيط الأممي ليس سابقة في حد ذاتها، فقد شهد ملف الصحراء الغربية مثل هذه المواقف من طرف المغرب في كل مرة كانت التقارير تتجه في غير صالحه. والحال أن تقرير روس الأخير تضمن اتهامات مباشرة تصل لحد التجسس، لكن ما يجب التأكيد عليه أن البوليساريو هي الأخرى احتجت على الهولندي بيتر فان والسوم الذي اعتبر أن مسألة تقرير المصير غير مقبولة. من هنا يتضح أن نية الحوار تسبقها خلفيات لدى طرفي النزاع، ولعل أصدق دليل حالة الجمود التي تعرفها المفاوضات، والتي أصبحت لقاءات لمجرد اللقاء، وليس لإزالة نقاط الخلاف والعمل على إيجاد أرضية تفاهم. في اعتقادي أن المغرب كان سيصل لسحب الثقة في كل الأحوال، لأنه يعتبر أن كريستوفر روس، الذي شغل منصب سفير لدى الجزائر في فترة من الفترات، منحاز للبوليساريو.
لكن يبدو أن الأمين العام للأمم المتحدة متمسك بوساطة كريستوفر روس، وغير عازم على تغييره. كيف تنظرون للمرحلة المقبلة؟
الوضع مع ملف الصحراء الغربية يعرف حالة من الجمود منذ فترة طويلة وهو يراوح مكانه، بين رغبة دولية في حل النزاع، ولكن مع وجود عواصم غربية تؤيد الطرح المغربي تستمر لعبة التجاذبات للحفاظ على المصالح، ويمكن التذكير بالموقف الفرنسي مثلا الذي يتجه عموما لصالح المغرب. في اعتقادي أن ما قامت به المغرب تحصيل حاصل لتأكيد الانسداد الذي بلغه الملف في ظل تمسك كل طرف بالطرح الذي يدافع عنه. ولعل الجديد في الأمر تمسك الأمم المتحدة بالوسيط كريستوفر روس. لكن يبقى السؤال الأهم هو إلى متى يمكن أن يستمر ذلك؟ مع العلم أن سحب المغرب الثقة من الوسيط الأممي يعني وقف كل الجهود الدولية، وفي نهاية الأمر لابد من تعيين وسيط جديد يرضي الطرفين ولو إلى حين، على أن تعاد المراحل. قد يبدو الأمر عبثيا، لكن هذا هو واقع الملف الصحراوي، كلما خطا خطوة إلى الأمام عاد خطوتين إلى الوراء.
لكن الأوضاع في المنطقة تعرف تغييرات جذرية في طبيعة الأنظمة، ألا تعتقدون أن ذلك قد يكون له تأثير بشكل ما على تطور الملف؟
التطور الوحيد المخيف هو عودة العنف، وللعلم فإن هناك من يعتقد جازما أن السلطات المغربية تعمل على خلق لبس بين البوليساريو وبعض الجماعات المسلحة في منطقة الساحل. والحال أننا شهدنا بعض الاشتباكات والمواجهات في الفترة الأخيرة في المناطق الصحراوية، وإن كانت بسبب الظروف المعيشية السيئة إلا أنه تم توظيفها وإلصاقها بالإرهاب. في اعتقادي أن المغرب يراهن على انسداد الأفاق أمام البوليساريو، خاصة في وجه القائلين بحمل السلاح، ليظهر أمام المجتمع الدولي المذنب الوحيد والمسؤول عن تدهور الأوضاع. وفي اعتقادي هو خيار خاطئ، والبوليساريو يدرك ذلك تماما.
عن الخبر الجزائرية