اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

حق تقرير المصير وحق إنتاج البترول

كتب بواسطة : موضوع on 20‏/07‏/2011 | الأربعاء, يوليو 20, 2011

كل شعوب الأرض تحلم الآن أن تكتشف البترول في أراضيها، وحتى الشعوب والقبائل التي لا زالت تعيش في الأدغال، أصبحت تحلم أن تتحول، بقدرة قادر أو بعصا ساحر، آبار مياهها التي تسقي منها مواشيها إلى آبار بترول حتى تتم إعادة الاعتبار إليها.
 الشيء الوحيد الذي لم يجربه الصحراويون إلى حد الآن، رغم إن بعضهم من الممكن أنه فكر فيه وبجد، عله يجعل العالم القوي يجود عليهم بالتفاتة أو بنظرة عطف ولطف هو أن ينقبوا عن البترول في المناطق المحررة من الجمهورية الصحراوية. أي في الجنوب الصحراوي وبصفة محددة في التفاريتي أو بئر لحلو وما جاورهما.  وبالمقابل ليس من مصلحة الصحراويين وبالمطلق الآن والآن فقط أن يتم اكتشاف البترول في الجزء المحتل من الصحراء الغربية؛ أي في الجزء الواقع خلف حزام الذل والعار. فاكتشاف البترول في الجزء المحتل من الصحراء الغربية سيزيد من معاناة الصحراويين وسيجعل المحتل يبالغ في احتلاله. أكثر من ذلك سيجعل القوى الكبرى تتكالب أكثر ضد الشعب الصحراوي، وبدل أن تستمر في عدم اعترافها للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية ستعترف له بالسيادة وبالقيادة والريادة وتطلب منه أن يضم بالقوة المناطق المحررة.
في الحقيقة يتمنى الصحراويون ولو في غرارة انفسهم لو أن البترول تفجر عيونا يوما ما من المناطق المحررة، بل أن بعضهم، ومبالغة في التمني، لا بد أنه تمنى يوما ما لو أن آبار الماء في زمور وتيرس تحولت  إلى آبار بترول.  تعرفون لماذا؟ في الحقيقة ليس حلما بالغنى الفاحش ولا رغبة في تضخيم الأموال التي يدر البترول، إنما بسبب أنه إذا تم اكتشاف بئر أو اثنين من البترول في الجزء المحرر من وطننا سيجعل العالم القوي يلتفت إلينا وفي اقل من أسبوع سيجعلنا حديث الساعة والدقيقة والثانية، وكتحصيل حاصل سيساعدنا على الحصول على تقرير مصيرنا وسيفرض تنظيم الاستفتاء بل قد يشن الحرب على المغرب إذا رفض " الانصياع" للشرعية الدولية. الآن حسب منطق العالم القوي فإن الشعوب المحقورة والمُستعمرة والمدبورة والمسحوقة والمدقوقة والمحروقة مثل الشعب الصحراوي والفلسطيني لن تستطيع إن تصل إلى استقلالها إلا بمساعدة قوية من دولة كبيرة أو أكثر مقابل دعم بترولي. قديما كانت مثل هذه الشعوب تلجأ إلى القوة والثورة حتى تحرر أوطانها؛ الآن لا؛ حتى حق اللجوء إلى القوة لاستعادة حق مغتصب نهارا جهارا أصبح ممنوعا على مثل هذه الشعوب، وإذا جازفت ولجأت إلى القوة بدون أمر من دولة عُظمى فتلك نهايتها: ستُتَهم بالإرهاب وبمخالفة الشرعية الدولية وستُحطم السماء فوق رؤوسها بسبب ذلك. إن مثل هذه الشعوب التي أصبح الشعب الصحراوي والفلسطيني رمزان لها بعد استقلال كل من يملك بترولا على وجه الأرض عليها أن تنسى مبدأ تقرير المصير والقانون الدولي والشرعية الدولة وما إلى ذلك من تلك المبادئ الفارغة التي لا معنى لها، لكن بالمقابل، وهذا هو الأهم، عليها أن تكتشف البترول في حقل ما من أراضيها. الآن أصبح حق اكتشاف البترول هو المبدأ الذي تتعامل به الأمم المتحدة ومجلس الأمن والعالم أجمع. مثلا، في سنة 1990 م حشد العالم من الجيوش والقوات ما يعجز عن وصفه اللسان لتحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم. وبسبب إن الكويت هي إمارة تجثم على بترول هائل ومباح فقد تم تحريرها في عدة أيام فقط. علينا أن نتصور أو نفترض أن الشعب الكويتي المسكين لا يمتلك بترولا( ماهوفالوا) أو يمتلك بترولا غير مباح، هل كان هذا الحشد الهائل من القوات سيسارع إلى نجدته.؟ تصوروا أيضا إن الكويت بلا بترول والعراق له بترول ومباح هل كان أحد سيقف مع الكويت.؟ إطلاقا. مثال آخر. سنتان أو ثلاثة بعد تحرير بترول الكويت وقف العالم مع شعب ارتيريا وساعده على تقرير مصيره وشن الكثير من الحملات على النظام الشيوعي في إثيوبيا لحثه على تقرير مصير أرتيريا وإلا...!. السبب ليس حبا لشعب ارتيريا ولا كرها في اثيوبيا، لكن لإن هذه الأخيرة لا بترول لها بينما مناطق من أرتيريا، حسب الأقمار الصناعية الأمريكية، تنام على بحيرات من البترول، والآن هناك نشاط أمريكي كبير للكشف عن البترول في أرض ارتيريا.                  
منذ مدة قصيرة حصل شعب جنوب السودان على استقلاله التام غير المنقوص بشبر واحد، بل أنه أصبح في وضع من القوة يجعله يطالب ببعض الأراضي السودانية. قبل كل شيء مبروك عليه؛ هم السابقون ونحن اللاحقون.إن استقلال شعب جنوب السودان، رغم التضحيات التي قدمها، لم يكن ليحدث لو كانت أرضه جافة وخالية من البترول. من جهة ثانية لم يكن شعب جنوب السودان ليستقل لو لم يكن سمح للغرب بأن يبحث وينقب ويجهر ويحفر وحتى يغير مسار الأنابيب التي كانت تمر عبر السودان وغير طريقها لتمر بمكان آخر. تصوروا شعب جنوب السودان المظلوم، المكافح الذي يسكن أغلبه في الغابات والأدغال بدون بترول؟ هل كان أحد سيلتفت إليه.؟ بكل تأكيد لا.
إن استقلال جنوب السودان التام بلا تبيعة قد جعل الشعب الصحراوي يغضب؛ يغضب ليس كرها في الحرية ولا كرها لرؤية شعب يستقل أو كرها لشعب السودان. بالعكس تماما: الشعب الصحراوي يعشق الحرية ويجب شعب السودان كثيرا والدليل على ذلك اعتراف الجمهورية الصحراوية بالدولة الجديدة في جنوب السودان. الذي جعل الصحراويين يغضبون( ينطعنوا)  هو أنهم لم يهتدوا بعد إلى البترول - إن كان موجودا- في الأراضي المحررة حتى يلتفت إليهم العالم. وليس هذا فقط هو سبب غضبهم إنما أنهم تأكدوا بصفة نهائية إن العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن لا يعترفون بحق ومبدأ تقرير المصير إلا على الورق، وان حق اكتشاف البترول أهم بكثير من حق تقرير المصير.    
بقلم : السيد حمدي يحظيه

0 التعليقات: