اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

عادة دخيلة وخاطئة / محمد عبد الرحمن

كتب بواسطة : futurosahara on 20‏/07‏/2011 | الأربعاء, يوليو 20, 2011


من المعيب جدا, في وقت تتقدم فيه الشعوب العربية ,على درب الحرية وحقوق الإنسان,وتبتعد فيه عن تأليه شخص "الزعيم", نعود  نحن الى       " دار يامس " ,نحن الذين لم نعرف يوما قداسة لأي شخص مهما كان. طوال تاريخنا " ما قط احكم فينا مليك ولا سلطان ", نعم نحترم بعضنا نجل كبارنا , لكن أن نرفعهم الى درجة ما قاله شاعر منافق يوما ما – ابن هانئ الأندلسي- للمعز لدين لله الفاطمي .                                     " ما شئت لا ما شاءت الأقدار      فاحكم فأنت الواحد القهار ".              هذا ليس من طبعنا  أبدا, أبدا.                                                إن الداخل الى أي إدارة عامة , في أي مؤسسة ,يجد صورة كبيرة "بوستر" لرئيس الدولة , الأمين العام للجبهة ,وهذا أسلوب دخيل غريب, وعادة غير حميدة تسللت إلينا, والشعوب التي احترفت تعليق صور الزعماء الأحياء,هي شعوب دول  فاشلة ومتخلفة , غير أن الزمن تغير ونشرات الأخبار تمتلئ بالمواطنين الذين مزقوا صور الزعيم واسقطوا تماثيله .
صحيح أن الوضع عندنا ليس بالحجم الذي عرفته الدول العربية والمتخلفة عموما , لكنه سيصبح كذلك إن لم نتدارك الأمر فالزمن هو الذي يراكم ويحول أي أمر عظيم أو تافه الى عادة مستحكمة .
هل تعلم انه في مؤتمر النساء الماضي قالت الرسالة الموجهة الى رئيس الدولة إن المرأة حققت ما حققت بفضل رعايته السامية , دون الاشارة الى دور الدولة أو الجبهة أو المجتمع, وهذا نفاق بين لا غبار عليه , ومن هنا نستشعر الخطر الزاحف , اذ لم يكن من داعي أصلا أن توجه رسالة الى رئيس الدولة.
وهل تعلم ان رئيسة الجامعة الصيفية لهذه السنة  بنت كلمتها الختامية والتي امتدت تسع دقائق على ان وجود الرئيس في ختام اشغال الجامعة  والوزير الاول في افتتاحها دليل على الاولوية التي تعطيها الدولة والجبهة لهكذا جامعة!؟ هل هذا مقياس للاهتمام ام لاشياء اخرى ؟ هل كل الامور و الأنشطة التي يغيب عنها أي من الشخصين يعني عدم احترامها وتأخرها في سلم الأولويات ؟ إن صح قولها فالأمر خطير و كارثي !!! ماذا نقول إذن عن غيابهما عن حضور جولات المفاوضات بين الجبهة والمغرب (على سبيل المثال ) ؟ هل سمعتم في دول المواطنة والمؤسسات أن حضور الرسمي هو شرط الاهتمام ؟  ما هذا الهذيان؟ وكيف يستسيغ الآخرون أصلا مثل هذا الهراء و الكلام الأجوف؟ الذي لا معنى له ولا فائدة منه  سوى المديح على الطريقة العربية التقليدية يمدح الشاعر الأمير و يجزل الأمير العطاء له من مال الدولة , ثم أضافت  رئيسة الجامعة الصيفية وبالحرف " اشكره واعبر له عن عظيم امتنانا وعزيز عرفاننا جميعا بهذا التكريم والتشريف الذي خصنا به وأغدقه علينا " فهل كان الحضور  - يا سيدتي - جزءا من العمل والبرنامج واهتمام الدولة ؟ أم كان تشريفا خصوصيا مغدقا؟
وهل تعلم – ايها المواطن - ان الجملة الوحيدة المفيدة التي قالتها الوزيرة في كلمتها هي" أن للدولة الصحراوية إستراتيجية وطنية شاملة للتنمية البشرية والبناء المؤسساتي " فرغم جمال الجملة ومثاليتها لكنها مخالفة للحقيقة مع الأسف (الى كذبنا مع الناس ما نكذبو اوحدنا) إذ لا توجد هذه الإستراتيجية  لا في برامج الحكومة ولا في برنامج  وزارة التعليم والتربية ولا في الواقع والدليل لو ان المؤسسة موجودة اصلا والشخص المناسب في المكان المناسب(إستراتيجية التنمية البشرية ) ما كنا لنسمع مثل هذا الكلام الباهت.
وهل تعلم ايضا انه في مناسبات أخرى, كتب على لافتات كبيرة "تحت الرعاية السامية للوزير الأول" , ألا يكرر مسوؤلونا بمناسبة وبغيرها , أن وضعنا استثنائي , إذن عليهم أن يحترموا هم أنفسهم هذا الاستثناء ! وان يلزموا غيرهم باحترامه , فلا يستطيع سويدي مثلا أو أي غربي جاء لأجل دعم قضيتنا ,والوقوف الى جانب شعبنا في كفاحه, من اجل تقرير المصير, أن يفهم وجود صورة لشخص مازال على قيد الحياة ,مهما كانت وظيفته  تتوسط جدار إدارة الوزير, أو الإدارة العامة للمؤسسة أو غيرها , لا يستطيع ان يفهم ,كيف لكادر شعب يحارب من اجل الحرية, بكل معانيها وقيمها الإنسانية , ان يقبل بمثل هذه الحركات البهلوانية الساذجة, ويعتبرها من صميم النضال والوفاء   .
إن الصورة – للأحياء- لا تعبر عن تقدير لهم, وغيابها لا ينزعه عنهم لكنه النفاق وما يجر ورائه من ذميم العادات  , فهلا انتهينا لاسيما نحن الصحراويين معروف عنا الكرامة و عزة النفس والاحترام الحقيقي غير  المبتذل .
للشعب الصحراوي من الشهداء قادة وغيرهم رجالا ونساء المئات بل الآلاف , وهؤلاء وحدهم من يحق لهم أن تعلق صورهم وتمجد آثارهم.
كنا السباقين في المنطقة العربية و حتى الإفريقية , في إنشاء مجتمع المواطنة والفرص المتكافئة ,وفي انسنة الإطار , وكنا النموذج حينا من الدهر ,ما جعلنا نشعر بالزهو والفخار, ونرفع الرأس عاليا بين الأمم,لكن  واه من " لكن" ومرارة طعمها , تراجعنا في كل شيء, عندما حاولنا منع عجلة الزمن من الدوران , ووقفنا ضد سنن الطبيعة التي تفرض التغيير والحراك وفرضنا الواقع المرفوض ورضينا به , فقعدنا مع القاعدين .
                

0 التعليقات: