اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

حول ضرورة التغيير مرة أخرى وليس أخيرة

كتب بواسطة : موضوع on 20‏/07‏/2011 | الأربعاء, يوليو 20, 2011

إن إصلاح النظام مطلب شرعي, وضرورة ملحة , وكل تقاعس عن تحقيقه ,ندفع ثمنه من قدرتنا على الصمود, وهو أمر لا يختلف حوله اثنان, لكن الاختلاف والجدل , موجودان حتما في معنى الإصلاح وكيفيته.
فلا خلاف على فساد معظم رموز النظام , في أجهزته التنفيذية والتشريعية و القضائية , فقد بلغت هذه الرموز من الفساد والتعفن درجة ما عاد ينفع معها سوى الإقالة أو العزل, وهذا هو أيسر الحلول نظريا على الأقل, لكنه من السذاجة بمكان الاعتقاد أن تغيير هذه الرموز, سيؤدي تلقائيا الى الإصلاح.
لن يحدث تغيير حقيقي, ولا إصلاح منشود للنظام ,ما لم نعمد الى الفصل بين السلطات , وخلق مؤسسات حقيقية , وأجهزة رقابة ومحاسبة قوية وفوق ذلك تداول على السلطة, وتحديد الصلاحيات , فالتذرع بالوضع الاستثنائي  لم يعد مقبولا, لا شعبيا ولا واقعا ولا زمنا ,فتجارب الإنسانية في الحكم والإدارة, كلها تدل على أن الديمقراطية هي أفضل المتاح .
إن الطريقة التي ندير بها شؤوننا في الحكم والسياسة خاطئة ,والدليل ما نحصده من نتائج مخيبة في هذه المجالات, فالاتكال على الضمير أو الولاء, واعتمادهما في اختيار الشخص أمر يثير الشفقة, فالدولة مجموعة من المؤسسات بعضها يكمل دور الأخر, ويتطلب الكفاءة والمهارة (تفاصيل ليدين)وليس حسن النية ,أو الطاعة العمياء ,التي ظاهرها المصلحة العامة وباطنها النفاق والرياء , فمهما أوتي سائق السيارة من حسن النية وسلامة القلب, فلن ينفعه ذلك إذا تعطل محركها , فما سينفعه وقتذاك ,ورشة إصلاح وعقل خبير ويد مدربة ,و أحرى الدولة التي هي عبارة عن محرك عملاق ,يحتاج لورشات وعقول و أياد عديدة , وعليه سنظل نراوح مكاننا البائس, إن ظلت أدوات الفشل  نفسها بدرجة أولى, ثم الأشخاص في الدرجة الثانية ,ومن الطبيعي إذا تحكم الاصطفاف القبلي و المحاصصة , فقدت الدولة مناعتها المقاومة لكل أنواع الطفيليات والجراثيم , ويتصدر الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي المشهد, وتستقيل الدولة وتفقد هيبتها ,أمام مواطنيها قبل أعدائها , ما أريد قوله أن تغيير الأشخاص, لن يؤدي الى الإصلاح المنشود , فالتغيير عملية اجتماعية وسياسية وثقافية معقدة, متى ما اصبح المجتمع مهيأ لها أو على استعداد لها , وقد كانت فرص النجاح بالتوجه نحو مستقبل واعد اكثر من متاحة أضعناها جميعها بكل أسف لأسباب عدة معظمها تافه .
لكن الحقيقة الصادمة والتي أخشى قولها هي أن اخطر ما في الأمر أننا نحن (الشعب) اكبر العوائق أمام التغيير الحقيقي ذلك أن السلبية تحكمت منا وفينا وتسربت الى مفاصل جميع شؤوننا الخاصة والعاملة فالقبلية هي العملة المتداولة والسلعة الرابحة في كل شأن حتى غدت جل مؤسسات الدولة عبارة عن (فرقان) وصار الوزير يزايد على الدور التقليدي لشيخ القبيلة , وأصبحت الاستحقاقات الوطنية محطات لتعزيز النفوذ القبلي وتحقيق المزيد من "المكاسب" والمناصب , وضع كهذا لا يبعث على الأمل لا في التغيير ولا في المستقبل , خصوصا إذا علمنا أن الأمر تجاوز الشيوخ الى الشباب وانتقل من الوزراء الى الكوادر المستقبلية , ما يحز في النفس , أن ترى وتسمع -عماد الأمة- الشباب والطلبة ,يضع القبيلة في منزلة أعلى من الدولة ,ويعتقد بإيمان  لا يحسد عليه,  أن الدولة ومؤسساتها ,إنما وجدت لخدمة القبيلة ,في كل شؤونها و إلا فالطوفان  .
وصدق المتنبي حين قال " نعيب الزمان والعيب فينا".
بقلم : محمد عبد الرحمان
 www.futurosahara.net مجلة المستقبل الصحراوي

0 التعليقات: