اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

عن أية قبلية يتكلمون؟

كتب بواسطة : futurosahara on 01‏/01‏/2012 | الأحد, يناير 01, 2012


بابا الحاج بوصولة
لقد كانت القبلية على وشك الإنقبار والإندثار، يوم أعلن الشعب رفضه للإحتلال، مفضلا اللجوء ومقارعة الغزاة. يومها أبدى الكل إستعداده للتوحد وبرهن قوْلا وفِعْلاً عن قابليته واستعداده للتخلي عن القبلية وطمرها بلا قيد ولا شرط. فألقى مصيره بين ذراعي طليعته ليحتضنها بسخائه وصموده، وكله تطلع لغد أفضل تسوده العدالة والمساواة.
لكن الحكام المتمصلحون بدل أن يستغلوا ذلك الظرف المواتي والفريد من نوعه في تاريخ شعبنا، لصالح الشعب وتعميق وحدته وتماسكه، استغلوه لصالح تقوية نفوذهم السلطوي، وهكذا استرقوا من الشعب فرصة ثمينة ووحيدة. فبنوا نظامهم مستخدمين سياسة قبليّة ذات طابع خطير، أساليبها أشد جهالة وتخلف وهمجية مما كانت عليه القبلية في السابق.
فالقبليّة التي هددت وتهدد كياننا، شكلها لا مُرسِّخ له غير النظام الذي يقول اليوم- لقد ولى عهد القبليّة- حكامنا الحاليون هم من خططوا لها وبنوا لها هرما سياسيا، كان ولا زال معيارهم الأوحد في رؤيتهم الضيقة لبناء الدولة الصحراوية. الشيء الذي تنبه وفطن له الثوار والمناضلون الغيورون على دولة العدالة والقانون ، فما سكتوا بل انتفضوا واحتجوا وتمردوا، لكن تم ردعهم وتصفيتهم وحدا تلو الآخر، ومن نجى منهم من الإعدام والإغتيال أو الموت تحت التعذيب لم ينج من أمراض نفسية وجسدية سببتها سنوات الحبس الطوال وما عقبها من تشويه وتهميش.
ولمن يساوره ابسط شك فيما ذكر، فما عليه إلا أن يتفحص لوائح وأسماء ضحايا السجون، وبدون تكلف سيدرك أن النظام كان يختار ضحاياه منطلقا من معيار هرمه القبلي الجهوي، الذي بنى عليه سلطة دكتاتوريته الجماعية.
واليوم يطالعنا في المؤتمر، بناة الهرم القبلي الجهوي، بمواقف ومداخلات ما عهدناها من قبل. إذ كل واحد منهم يلوح بعصاه، والتي لا يعلم ما تخفيه من نوايا إلا الله. فمداخلة صاحبها يقول منتقدا - لا فرق هناك بين مقررات المؤتمر الثاني عشر والثالث عشر سوى تاريخ الانعقاد. وإليه نقول- كيف أنه ما فطن سوى اليوم؟ ألم يكن حاضرا ومحضرا ومُشرفا ومُنظِّرًا  لكلِّ المؤتمرات السالفة؟، والتي جميعها توائم شكلا ومضمونا.  فما خطبه اليوم وخطب شكواه؟ أنسي أنه كان الآمر والناهي والزاجر والواقف بالمرصاد لكل مُؤتمِر أبدى انتقادا أو أدلى بآراء من أجل التغيير والإصلاح. أنسي كم مُشارِكا أرسله من قاعة المؤتمر أو الندوة إلى السجن مباشرة.
وآخرون ممن لهم نفوذ في صنع القرار يطالبون اليوم باستقالتهم من الأمانة. أو بعبارة أخرى يريدون التنحِّي جانبا عن الهرم القبلي الذي شيدوا صرحه لبنة لبنة. وهنا يطرح السؤال نفسه- أي دافع دفعهم إلى هذه التصريحات والمواقف؟ أإحساسهم وإدراكهم أن مشاركتهم في صنع القرار أصبحت غير ممكنة؟ أو أنهم شاؤوا استباق الأحداث، واستباق تصريح رفيقهم في اللعبة-الأمين العام- والذي يُستدْرك من عطسه وتشميته لنفسه بستة وتسعين في المئة من الأصوات، انفراده بالكرسي.
فما وَلى عهدُ القبلية بل الذي وَلّى هوعهد استعداده للشراكة بعد أربع وثلاثين سنة، في تسيير الهرم القبلي الجهوي من خلال الديكتاتورية الجماعية، ويودُّ تَجريبَ الديكتاتورية الفردية. وتلك محنة للشعب أخرى، أن تتصاهر القبلية والديكتاتورية في شخص حاكم واحد.
وأمّا المثير للسخرية،  هوأن  يدا من الأيادي التي حضرت وجهزت طبخة المؤتمر، صاحبها عنصر غير مرغوب فيه، ومنبوذ على الساحة الوطنية والدولية. فمنظمات حقوق الإنسان ما من مرّة إلا ونصحت القيادة بإبعاده عن المسرح السياسي، وعدم تعيينه في المناصب الحساسة، لِما عرف به من تجاوزات وخروقات في ميدان حقوق الإنسان. فالرجل منذ عُيّن مسؤول عن الأمن عمى الله بصيرته، فبدلا من أن يرشح نفسه للعدل واستتبابه رشحها للظلم وتعميقه. فكان ظلاّماً متغطرسا سفاكا خبيرا بإلصاق التهم بالوطنيين الأبرياء، ذو فلسفة همجية، حيث يعتبر التعذيب والقتل تربية وتأديبا، وتشويه الآخر وإلصاق به التهم الكاذبة عظة وردعا. وشاء القدر أنْ فقَد  بصره، وتُمنيّ له الشفاء وتمنينا له استرجاع البصيرة. وإذا الأسف أسفين فلا البصر استرجع ولا البصيرة. لأنه كلما أتيحت له الفرصة تحرّك وحرّك أفكاره المدمرة والمتخلفة سعيا لتقوية قبضة النظام، لا وفاءً منه لهذا الأخير، بل إدراكا منه ان النظام هو مأمنه ومؤمنه ومفرّه الوحيد من العدالة.
وهنا نتساءل. ما سر الرجل وسر أمره؟ أهي قرابة الدم والفكر مع صانع القرار؟ أم أن الشخص بحوزته أوراق ضاغطة يشهرها متى شاء أو متى شعر بخطر؟ وإلاّ فكيف يفسر تعيينه رئيسا للجنة القانون حيث فرض على اللجنة  خطة لعبتهم السياسية ورفض رفضا قاطعا اقتراحات المشاركين والتي كان من بينها وضع مدة محددة لفترة الرئاسة.
واستنتاجنا أنه ما كان ليُعيّنَ رئيسا لتلك اللجنة لولا ثقة مُعيِّنهِ فيه. ولذا فمَنْ عيَّنَ صاحب التاريخ الأسود، واليد الحمراء من دماء أبناء شعبه، والأثر المنبوذ، يجعلنا نبت أنه مثيله، بل أشد منه تمَصلحا وأعمق عمى بصيرة..