بقلم : الصالح ابراهيم الصالح
بعد أن تفطن لسباخ الرابوني التي أصبحت تشعر الرئيس و حكومته بلونها الباهت و ملحها المدمر للأسنان الجميلة التي تفتقدها السلطة اليوم حتى لا تترك للشعب محل إعجاب فيها , راح القوم يجددون تحكمهم في السلطة بمناطق الجيش الشعبي الصحراوي على قرار تيفارتي و ميجك و غيرها من المناطق الصحراوية المحررة , مع إعطاء شعار و إسم شهيد في كل مؤتمر بعد دراسة معمقة من طرف خبراء الرئيس في التسلط و الإستبداد , حتى الشهداء و هم في قبورهم لم يسلموا من السلطة التي تختار الشهيد المناسب من حيث الزمان و المكان حسب المخاطر التي تهدده الحاكم و حكمه و لعلا من أخطر المخاطر التي تحدق بالسلطة هو صوت المواطن الذي يبحث عن التغيير و حكم الشعب , و كأن الرابوني وطبيعته القاسية يتحد مع السلطة الحاكمة في فرض خيار الأمين العام و الرئيس و القائد الأعلى للقوات المسلحة و الرئيس الأعلى للقضاء .
فالرئيس الذي حصل على خمس ميداليات ذهبية زورا في دورة الألعاب الصحراوية بتيفارتي المحررة , أصبح له الحق في توزيع باقي الميداليات الفضية وغيرها حسب خبرة كل واحد في الهرولة بالأخبار و القفز على الشعب و السباحة في سباخ الرابوني و الرمي الذي لن يجد خبيرا فيه يستهدف شباب الثورة المعتصم أمام مقر الرئاسة المنيع ؟ .
ويبدو أن الرئيس بدأ في عملية التوزيع بعد تعيين الوزير الأول للحكومة القديمة لتضليل الرأي العام الصحراوي على أن الرئيس و الوزير الأول سيعكفون على إختيار الحكومة لكن الحقيقة التي أصبح الجميع يدركها مفادها أن الرئيس قد شكل الحكومة قبل أن يعين الوزير الأول لكنه يحاول أن يطبق قرارات المؤتمر الثالث عشر , وهو الأسلوب الذي يتقنه فخامتهم عبر مراحل حكمه المتميزة بالعمل بتوصيات المؤتمر في العناوين الكبيرة و تجاهلها في كل الجوانب الأخرى , و بهذا الشكل يضمن سلاسة تحكمه في كل شي و تفننه و تفرده في قتل و قطع ظهر كل شي بعد أن أصبح الرئيس الأعلى للقضاء , وهو تقييد للقضاة و المحامين الذين يطالبون بحقهم في العمل و الحماية و الإستقلالية التي يبدو أنها قد صودرت مع المؤتمر الثالث عشر .
وفي هذا الجو الذي ينتظره الطامحين في السلطة و أعضاء الأمانة الوطنية و بكل شغف وغبطة سماع منازلهم الجديدة عند صاحب السلطة تراهم يتزاحمون و يتقاتلون من أجل لقاء الرئيس قبل أن يعلن عن الحكومة القديمة و توجيه رسائلهم المشفرة عبر قنوات الرئيس المعروفة التي تهدده أكثر من التأثير فيه لحصول على نصيبهم المعهود لديهم , في حين يذهب البعض الأخر إلى طرق القبلية الجاهلية التي يدركون أنه خبير في التعيينات الوزارية و الحكومية من خلالها , وذلك لخبرته في مكونات الشعب الصحراوي على مدار 36 سنة من التفنن و التفلسف في قنوات التنظيم السياسي الذي ينظفه و باستمرار بشخصيات ذاقت ويلات سلطته و طعمها اللذيذ و خضعت إلى مخبرها الذي يفحص من خلاله قدرة الفرد على الولاء الأبدي و الصمت و عدم الاعتراض على قرارات صاحب السلطة الوحيد , غير أن الحقيقة التي يدركها جلهم تكمن في أن الحكومة قد شكلت قبل إنعقاد المؤتمر الثالث عشر مع بعض التحفظات في بعض النقاط الحساسة حتى يرى عطائهم أو بخلهم و نفاقهم في دعم توجهاته التي قدمها لمؤتمره .
و لا ريب في التكهن في الحكومة الجديدة و إن كان من الصعب فهم توجهات الرجل الحاكم الذي سيقسم الرابوني كما كان مقسما إلى الجبهة الشرقية المالية بقيادة الوزير الأول و الجبهة الغربية الأمنية و العسكرية والتي سيتكفل الرئيس برسم خارطتها على أن يهتم الوزير الأول برسم معالم الخارطة الشرقية و توجهاتها المالية و العملية , مع بعض التغيير أو التخبط في التعيينات الدبلوماسية حيث سيعزز السلك الدبلوماسي الذي حقق إنتصارا كبيرا (لاهي اتجمعوا انتوما اليوم و اتقولولي عن الخارجية ما اوعدل فيها شي ؟ ) بعدد من الشخصيات الوطنية التي تعاني الهجر و النسيان لتضليل المتتبع لحركات الرجل الصعبة الفهم و الخبيرة في تشكيل حكومة وفاق وطني ؟ والتي لن يعترض أي عضو من أعضاء الأمانة الوطنية على شكلها و مضمونها إن وجد , مع تغيير بعض المناصب الوزارية مع بعض التدوير للكراس كما أشار بعض الكتاب المحترمين , و مركزية كل الوزارات في الرابوني بعد فتح الخارجية التي ستنجح في عملها من الرابوني ؟ .
والملاحظ و بعد تعيين الوزير الأول قد نستطيع القول أنه لا جديد في القديم و هو أمر كان يدركه الجميع و لكن الأمل القليل المتبقي بعد المؤتمر كان يراهن على الحكومة التي يبدو أنها لن تحمل الجديد لأن الجديد في مفهوم السلطة هو تهديد يهدد السلطة نفسها , غير أن فاقد الشيء لا يعطيه و أكثر من 36 سنة من العطاء كفيلة بالتغيير لكن من لم يستطع العطاء و رسم معالم الدولة الحديثة دولة القانون وهو في ريعان شبابه كيف يمكنه تحقيق ذلك و هو يناهز الشيخوخة ملتصقا بهرم السلطة , وليس هذا وحده بل يعمد إلى فرض أشخاص أصبح الشعب يستحي من التعامل معهم لضعفهم السياسي و الأخلاقي الذي أصبح يعلمه الكل , فيما يبقى الشعب يعاني بين أصوات مطالبة بالتغيير مقهورة و أصحاب القرار الذين يزيد يوم بعض يوم تسلطهم .