اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

صراحة روس في عبثية المفاوضات دون ضغط

كتب بواسطة : futurosahara on 30‏/01‏/2012 | الاثنين, يناير 30, 2012


اسلامه الناجم 
استبق المبعوث الشخصي للامين العام الأممي الى الصحراء الغربية، السيد كريستوفر روس جولة المفاوضات القادمة، وهي الثامنة بالمناسبة منذ أن تسلم الملف، وأعطى النتيجة وقدم الاستنتاج الذي يهرب الجميع من سماعه أو مواجهته ، والرجل لم يكشف سرا دفينا، ولا حل لغزا مستعصيا، إنما ذكر قيادتنا مشكورا، ببديهيات السياسة، والتي تقول صراحة أن العالم ينشغل بالأزمات، وليس بالقضايا، فقد اعتبر روس في بيان وزعته الأمم المتحدة، أن "غياب أزمة حادة في الصحراء الغربية من ضمن عوامل نسيان المنتظم الدولي لهذا الملف"،ذلك أن التعريف العالمي للسلام هو: حيث لا توجد حرب، بغض النظر عن هذا السلام ونوعه .
روس دبلوماسي أمريكي محنك، وهو خبير بالشأن المغاربي فضلا عن ايجادته للغة العربية، فقد عمل سفيرا لبلده بالجزائر، وشغل قبل ذلك منصب مدير المركز الثقافي الأمريكي بمدينة فاس المغربية، وله إطلاع واسع على القضية الصحراوية وتشعباتها، وبالتالي فهو مدرك تماما لما يقول أو يفعل في هذا المجال، وكلامه هذا حتى وان جاء مغلفا برونق الدبلوماسية، غير انه يحمل في طياته غمزا لقيادة البوليساريو، مفاده أن تمزج مع المفاوضات خيارا آخر يشد انتباه العالم، ويجعله يبحث جديا معها عن حل للنزاع الذي طال أمده .
فالمغرب لن ينفض يديه من المفاوضات أبدا، حتى وان امتدت مائة عام، واعتقادي انه لن يكون المبادر الى تغيير الواقع على الأرض اليوم، مهما بلغت قوته، أو بلغ ضعف البوليساريو،فهزائم جيشه النكراء على يد مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي لازالت تؤرقه، وهو بات يدرك جيدا أن الصحراويين مقاتلون شديدو البأس، ويتحلون بشجاعة نادرة المثال، وهو أيضا لن يمنح الصحراويين وسيلة إجماع، فيتركون مشاكلهم ومشاغلهم ويتوحدون على قتاله، لاسيما بعد أن تعمقت تجاربهم و تراكمت خبراتهم، وعليه فالوضع الحالي - وضعية الجمود- أكثر من جيد بالنسبة له، فهو يعتمد إستراتيجيته مبنية أولا وأخيرا على الزمن لعله يجرف – في اعتقاده- الصحراويين أو يفجرهم من الداخل، بما يحمل لهم من خلافات وإشكالات وتعقيدات، من هنا يتضح أن المطالب بخلق الحل أو الضغط لإيجاده – وفقا للشرعية الدولية – هو الطرف الصحراوي، ممثلا في ممثله الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو، والحلول أو الخيارات  المتاحة إمامها ليست كثيرة، بل هو خيار وحيد! ملخصه استئناف الحرب، لكن بإستراتيجية أخرى، وتكتيك جديد غير الذي جرب طوال سنوات الحرب الماضية على مدار ست عشرة سنة، فتلك الطريقة لن تقدم أفضل مما قدمت، يجب أن تكون الحرب القادمة، بعد الاستعداد الجيد خاطفة ومركزة، وان يكون العمق المغربي هدفها، فمتى حس المواطن المغربي  بويلات الحرب، وطالت رزقه وبيته ومعمله ومدرسة أبنائه، سيرغم حكومته ساعتها على  احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ومن البداهة أن الذي سينقل الحرب الى العمق المغربي، وبشكل يومي، متجاوزا " الحزام الدفاعي المغربي" هو سلاح الصواريخ، فكلفته المادية والتقنية والتدريبية اقل  من سلاح الجو، وخير مثال على هذا حرب صيف 2006 بين "حزب الله " وإسرائيل، وشتان بين القدرة العسكرية والاستخباراتية المغربية والإسرائيلية، ومع ذلك أركعتها "صليات" صواريخ الكاتيوشا وغيرها، ما جعلها تنهي عدوانها على لبنان دون تحقيق أي من أهدافها، التي شنت من اجلها تلك الحرب .
علينا أن ندرك بان الوضع الدولي الآن قلق جدا وحساس، نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية، التي تنخر في الاقتصاديات الكبرى، وهو وضع يؤثر سلبا لاشك على الجميع، بالنسبة لنا سيدفع بالممولين للهيئات الإنسانية الدولية الى تقليص مساعداتهم،وبالنسبة للمجتمع الدولي سيكون ضاغطا على الهيئات السياسية الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، فقد تعيد النظر في الكثير من إنفاقها، خاصة المكلف من غير فائدة، كبعثتها في الصحراء الغربية،"المينورسو"  ما سيدفع مجلس الأمن الى الانخراط الجاد في البحث عن حل، إن كان لا يرغب في تدهور الأوضاع، في هذه المنطقة  غير المستقرة أساسا بسبب "الربيع العربي" ومخاطر الإرهاب، علينا دفع المجتمع الدولي الى القلق، خاصة أوروبا القريبة من المنطقة، حتى تخرج من سلبيتها أو تواطئها مع المغرب، فتساهم في حل النزاع سياسيا  وإنهاء المأساة الإنسانية التي يتباكون عليها ادعاء    .
أدرك أن ثمة محاذير وطنية ودولية، تقيد صانع القرار الصحراوي وتمنعه من اللجوء الى السلاح، والذي كان قد هدد به مرات عديدة، رغم علمه بوجود قاعدة تقول إنه عندما تهدد بشيء ولا تنفذه تخسر هيبتك .
لكن ينبغي على قيادة البوليساريو حل هذا الإشكال وتجاوز هذه المحاذير وطنيا من خلال رص الصف واستنهاض الهمم باستحضار روح ثورة 20ماي الخالدة و تفعيل الدستور واحترام القانون، وانتهاج الديمقراطية،  أما دوليا فعلى القيادة أن تتعلم التملص من الاتفاقات دون الاصطدام بالمجتمع الدولي أو تحديه .
قبل أن اختم هذا المقال أريد أن أشير الى عبارة وردت في تصريح روس " رفض استمرار معانات عشرات الآلاف من الصحراويين في المخيمات" وهي عبارة صارت تتردد كثيرا مؤخرا على السنة العديد من المسؤولين الامميين ظاهرها ودي وإنساني وباطنها مراوغ ومتآمر، فالحذر الحذر .