اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

الاستقالة على ذمة البراءة؟

كتب بواسطة : futurosahara on 03‏/07‏/2012 | الثلاثاء, يوليو 03, 2012


 محمد لبات مصطفى
ما رشح عن استقالة السيد وزير التعاون، قليل، وعلى قلته، فيه دلالات كثيرة. منها ان آليات صنع القرار المتبعة أدت الى حالة من التردي العام، وان الحماقات البيروقراطية التي تجاوز سيلها الزبى، أدت هي الأخرى الى مزيد من التقهقر في العديد من مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية في بلادنا.
وما نشاهده اليوم من توجهات احتكارية خطيرة، ومن جدولة للمشاكل والمآزق.. ربما قد تأخذ طابع الأزمة الحادة، بما قد يفوق ما عشناه مع نهاية عقد الثمانينات من اضطرابات واستقالات وتمترس مصلحي وسلطوي جنى أصحابه ثماره.. وعانى شعبهم من كوارثه.
ان غياب الشفافية، قد شَكَّل باستمرار التربة الخصبة لتزايد حالات الغضب والتململ في أوساط النخبة. وفي هذا السياق تأتي استقالة السيد الحاج أحمد )المسكوت عنها( والتي تحيط بها حتى الآن سحابات ضباب كثيفة..لا تسمح لنا بأن نُصوّغ حكماً قاطعاً حول تداعياتها، الا ان الأمر بالتأكيد لا يحتاج لمسحات إضافية من الذكاء لإدراك ان ثمة أسباب وجيهة دفعت الرجل للإحتجاج والإعتراض العلني. وهذه الأسباب منتجة ومصنعة حصريا في مصنع المؤسسة )النفعية( التي أحيطت منذ وقف اطلاق النار بدلال خاص. حيث صادرت السلطة، مؤسسات الدولة، حتى أصبحت )الدولة( وكـأنها تعبيرا عن شبكة مصالح، أو كناية عن المؤسسات "الي فيها شي".
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة نقلت بالحرف ما يلي: " ارجعت مصادر خاصة من الوزارة الاولى في اتصال معها سبب الاستقالة غير المعلنة الى صعوبة المهام المؤكلة الى الوزير وطول الاجتماعات وكثرة العمل الذي لم يعتده الوزير في مهامه السابقة والتي كان يشغل فيها منصب وزير منتدب لدى امريكا الاتينية، واضافت المصادر ان الوزير بهذا القرار يدخل في اجازة لأخذ قسطا من الراحة حتى انقضاء فصل الصيف" .
لسنا هنا في مقام الدفاع عن أحد، لكن بالتأكيد هذا التقول يصدق فيه قول القائل: وعين الرضا عن كل عيب سليلة   ولكن عين السخط تبدي المساويا.
ان الإنصاف يتطلب التسجيل بان الرجل مشهود له بالاستقلالية، ولم يتم "تصعيده" عن طريق المحاصصة القبلية..وفوارق التكوين الشخصي ظاهرة لا تخفى بينه وبين العديد من أعضاء الحكومة الحالية.. وقدرته البدنية على مواصلة الاجتماعات ماشاء الله. ولعل بصماته لازالت تلقي بظلالها على الحركة التضامنية الواسعة في اسبانيا..و لن أبالغ ان قلت ان وزارة الخارجية الاسبانية في عهده كانت مقرا لسكن القيادات الصحراوية الرسمية الوافدة في زيارات عمل.
ما نشاهده اليوم )أغلبه لا يقال ويفضل أن يفهم بالإيماءات( من محاولات للاحتجاج بصورة معلنة وغير مألوفة سببها استشراء الفساد والخلل في العلاقات المؤسسة على الشخصنة التي تتصدّرها الولاءات وتحكمها المحاباة قبل الكفاءات. ولم يعد خافيا اليوم أنّ بعض الاسماء )نعام ياسيدي( تخضع لعمليّات تلميعيّة متواصلة حيث بات الأشخاص يرفعون.. أو يخفضون.. والأعمال تفخم.. أو تُهوًن.. بحسب الهوى وبجرة قلم لفائدة زبائنيي الصداقات و القرابات العائلية.. 
بإيحاء كاذب يعمل كثيرون منذ سنوات على تعزيز ثقافة القبول بالموجود ـ الواقع المرفوض ـ وخلق وهم كبير لدى العامة بأن هذا النوع من الاحتجاجات سيؤدي إلى عدم الاستقرار.. وهكذا يتم تفسير الاستقرار بضرورة المحافظة على الوضع الراهن بكل ظلمه ومآسيه.
اياً يكن الأمر فانّ استقالة السيد الحاج أحمد قد أوجدت ظروفا جديدة، ولعلها تؤسس للانتقال من الثرثرة والتشكي، الى مراحل أخرى على أمل تحقيق إستجابة لمطالب الاصلاح والتغيير، بما يعنيه من شفافية و حق مساءلة الأجهزة التنفيذية، والرقابة على مؤسسات النفع الاقتصادي كما انها )الاستقالة( تستدعي مراجعة أوضاعنا، وبذل أقصى الجهد في إصلاحها، لتفادي تطورات قد تكون ـ لا سمح الله ـ كلفتها كبيرة.