اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

التغييرات و التعييرات في السلك الدبلوماسي

كتب بواسطة : futurosahara on 28‏/09‏/2012 | الجمعة, سبتمبر 28, 2012


حمادي محمد بابيت
بعد نهاية كل مسرحية من مسرحيات المؤتمرات القذافية تسارع "القيادة الوطنية الصامدة في مخيمات العزة و الكرامة!"، إلى إجراء تعديلات ودية في المناصب السيادية و السفارات و التمثيليات مع الإحتفاظ الرسمي للثوابت. كنا قد ألفنا هذا الروتين لردم تراكمات العجز بين المؤتمرين، دون محاسبة اصحابها، و دون رؤية وجوه مناسبة قادرة على إعطاء نفس جديدة لتواصل المقاومة و كسر سدود التضييق السياسي و الفساد و بعض المفاهيم القبلية البالية التي تسيطر على مراكز القرار، لخدمة مصالح خاصة على حساب القضية الوطنية و الأبرياء و دم الشهداء و الجرحى و الأرامل و الثكالى.
ولم تكن الإحتجاجات بالتظاهر في الشهيد الحافظ و الكتابات في المواقع المستقلة و الندوات الروتينية و ثورة اليوتوب، الا ردة فعل للأوضاع المتردية التي عانى منها المواطن خلال مرحلة السلم المسمم!، فنظامنا السياسي، قمع المجتمع، واختزله بالحاكم الواحد الذي لا بديل له، واسكت مدافعه، وقيد حرياته وكتم أفواهه، ونبذ الديمقراطية وحق الاتصال والتعبير، ومنع مشاركته في صنع القرار، وبطالة قاتلة، وشباب مهمشون وضائعون، وفساد ورشى تستشري في مؤسساته، ونظام صحي و تعليمي تقليدي يجتر معلومات الأمس، ويهمل العصر ويقتل ثقافة الأمة و عاداتها، ويسطح الفكر والحياة، و أداة لتخريب نكهة النصر البعيد بُعد نظرة القائد عنه! .
نحن نعيش حرب معركة الدبلوماسية مع العدو و الحرب معناها المواجهة بقوة و الدفاع بقوة اخرى، إذن كيف يمكننا ان ننشر قضية عادلة في اوساط الشعوب المتضامنة و المتعاطفة ضمنيا مع شعبنا بشخصيات تختارها القيادة على حساب معايير مخالفة للمعركة. فما هو دور ممثل للجبهة الشعبية في بلد لا يتقن، و لا حتى يدردش لغته، و لا يعرف عاداته و لا تقاليده و لا اسلوب التعايش مع الغير؟. مع العلم ان الممثل دوره يعتمد على طلب المساعدات للآجئين و تحسيس المجتمعات بالقضية الوطنية، و هذا ما يجعل دوره يختلف شئً ما عن السفير!. قد يتسائل المواطن البسيط عن المقاييس و المعاييرالمتخذة لتوزيع مهام السلك الدبلوماسي في الخارج، و الذي لا يكلف المعني جهدا كبيرا في كيفية توزيع هذه الكعكة "التي نسمعها من افواه قادة بارزين". إذا اردت نصيبك منها عليك ان تكون مقربا مخلصا للحاكم العام، تسيطر له على اكبر عدد من قبيلتك ( عشيرتك)،ان تكون ماهراً في تشتيت رأيها! تعرف من يستحق الرشوة ترشيه، و من يتحلى بفكر ناضج يخدم المصلحة العامة تعمل على تهميشه و تقزيمه و تلطيخ سمعته بين العامة، ليسمع عنك مولاك ذلك. ان يُعرف عنك طيلة فترتك النضالية و اقدميتك الطاعة العمياء و عدم رفض أوامره، حتى و لو كانت غير صائبة و لا تخدم القضية . عليك ان تكون بمنزلك الخاص في تندوف او الزويرات و سيارة شخصية و ان تكون مدعوما بأحد اللوبيات المتحكمة في مفاصل الدولة. و ان تظهر عداوتك المباشرة للذين يعارضون النظام و إن كانت تربطك بهم صلة عليك ان تقوم بقطعها، و تبرر و تتبرأ منهم عند الحاكم. عليك ان تقدم زيارة ميدانية لذويهم رغم انك لم تدخل بيوتهم منذ ان شرّفك البيت الأصفر. عليك ان تبعث برسالة إلى الحاكم تخبره انك قمت بإعداد الإقامة لأحد إخوته القادم من المناطق المحتلة و تطلبه ان يعفيك من منصبك الحالي، لآنك تعبت و بك مرض مزمن و الأهل و"الحية" بحاجة إليك، و انك حجيت بيت الله الحرام، او عازم على ذلك، و ان العمل في الخارج اصبح لا يليق بك، و ان غالبية المتعاونين بينك و بينهم خلافات كبيرة و اتهموك بسرقة المشاريع، و اعابوا عليك إقامة عائلتك بإسبانيا و دراسة ابنائك في المدارس الخاصة و حيازتهم على الإقامة الدائمة او الجنسية . و بهذا تكون قد مكنت حججك و مكانتك و اثبت شراكتك في الفساد، و ضمنت منزلتك في معيار مرسوم التعيينات في السلك الدبلوماسي للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد الذهب.