اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

حياة تحت الخيام .. الصحراء الغربية

كتب بواسطة : futurosahara on 08‏/09‏/2014 | الاثنين, سبتمبر 08, 2014

بقلم : محمد العالم 
اظن ان العالم العربي اصبح اليوم يعرف اكثر من ذي قبل, كيف هي الحياة تحت الخيام وماهي الصعوبات التي يكابدها الانسان في حياته اليومية , وكذلك اصبح يعي جيدا معنى كلمة لاجئ وما تحمله بين طياتها من تشريد وضعف وهوان. وصورة اللاجئين السوريين اعظم مثال على ما اقول. 
لا مجال للمقارنة بين وضعية شعبي والشعوب الاخرى المماثلة لان الشعب العربي في الساقية الحمراء ووادي الذهب , والمنضوي تحت لواء ممثله الشرعي والوحيد الجبهة الشعبية, هو الان في عقده الرابع تحت الخيام وليست الخيام الجاهزة التي نعرفها اليوم هو نوع اخر تفنن الانسان الصحراوي او بالاحرى المراة الصحراوية في صناعتها وخياطتها ثم بعد ذلك بنائها . 
 لكن ليس المهم ان نعيش تحت الخيام او حتى تحت ظل الطلح وهو النوع الوحيد من الشجر الذي تنبته ارضي لكن المهم الى متى سنظل على هاته الحال؟ انطلقنا ونحن لازلنا في الارحام مع ذوينا الى ارض خلاء ,جرداء , هجرها الحيوان قبل الانسان لظروفها الوعرة هربا من غزو جار شقيق اراد ارضا دون اهلها, وكان له ما اراد اذ قتل من قتل , وسجن من سجن, وشرد من شرد وبقيت له الارض يتنعم بخيراتها من فوسفاط وصيد بحري وارض شاسعة وطن فيها شعبه.
 وجهتنا كانت جنوب الجزائر المنطقة التي تكرم علينا بها الحليف العظيم حيث ستبدا القصة مع الخيام لكن خيام شعبي من نوع اخر كما قلت سلفا. 
في بادئ الامر كانت صناعة الخيمة تعتمد على شعر الماعز ككل الشعوب العربية ثم بعد ذلك وفي ظل الدعم المتزايد من طرف المؤمنين بعدالة قضيتنا والمتضامنين معها اصبحت تصلنا انواعا من القماش المشمع الصالح لبناء الخيام, فما كان للمراة الصحراوية الا ان شمرت عن سواعدها وابتكرت نوعا من الخيام سمته (بوركييزة)وهو يعتمد في بنائه على عمود واحد في المنتصف, كان في بادئ الامر يكفيها نظرا لقلة افراد العائلة, او ربما النصيب الفردي من القماش الذي يحق لها كان يفرض عليها تصغير حجم الخيمة ,او ظنا منها ان المدة التي ستقضيها داخل المخيمات ستكون قصيرة وستعود الى دارها في المناطق المحتلة من الوطن الغالي, كن مع مرور الوقت ازدادت الحاجيات اذ ان الخيمة او ما يطلق عليها عندنا (اكيطون) كانت بيتا كاملا فيها المطبخ والمرقد وحتى قاعة استقبال الضيوف وتناول الشاي , فصار لزاما عليها توسيع المكان وبالفعل استطاعت خلق نوع اخر سمته (بوركيزتين) اي يعتمد على عمودين في بنائه وهو اكبر مساحة من الاول واصبح فيه نوع من الاستقرار قل نظيره في العالم الآن ففيها ولدنا ,حبونا, ولعبنا وبعد ذلك راجعنا فيها دروسنا , حمتنا من حر الصيف وما ادراك ما صيف لحمادة وقر الشتاء, للاشارة فارض لجوئنا لا تعرف الفصول الاربعة كما هو العادة بل هناك صيف وشتاء فقط . نتحدث دائما عن الخيمة والام لانهما كذالك الرجل منذ بداية انتشاء مخيمات اللجوء وهو معفي من امور الخيمة والعائلة وهمه الوحيد التقدم الى الصفوف الامامية من المواجهة مع العدو الغازي ومحاولة استرجاع ارضه المغتصبة. تحت الخيام استطعنا بناء دولة في المنفى اعترف بها العديد من الدول من افريقيا وامريكا اللاتنية وحتى الدول العربية لكي لا نكون مجحفين في حق اشقائنا لكن ليس بالشكل المطلوب ونحن هنا لا نلوم احدا , لكن نريد ان نظهر للعالم كيف هي حياتنا طيلة الاربعين سنة الماضية وكيف استطعنا قهر الظروف الطبيعية الوعرة وتطويعها لصالحنا, لقد انشأنا مؤسسات دولتنا بجوار خيامنا وحفرنا الابار واستخرجنا مياهها التي نستغلها في شربنا وزراعتنا المتواضعة رغم ملوحتها ثم بعد ذلك اظهرنا للعالم أننا شعبا مكافحا , كريما ,مضيافا, استغل ارضه المستضاف عليها أحسن استغلال واستثمر في ابناءه فمنهم المقاتل , والمهندس, والدكتور, والعامل.
 شكل النظام الصحراوي خمس ولايات من الخيام على ارض اللجوء, أطلق على كل واحدة منها تسمية تقابل اسم الولاية الاخرى من الضفة الاخرى من الوطن الغالي كالعيون والسمارة والداخلة واوسرد وبوجدور، وجهزها بكل المؤسسات والهياكل الفرعية للدولة من قبيل مدارس تعليمية ومستشفيات ومديريات تعنى بتسيير الشأن الداخلي للولاية رغبة منه في تقريب الادارة من المواطنين وتعزيز تواجد المجتمع المدني الذي يعتبر من انشط المجتمعات في منطقة شمال افريقيا، للاشارة فقط نسبة الامية داخل المخيمات لا تتجاوز واحد بالمئة وهي نسبة جد مشرفة مقارنة مع بلدان العالم العربي . وكما يقال الانسان ابن بيئته فنحن كذلك ابناء اللجوء والخيام وفخورون بانتمائنا اليها لقد تعلمنا فيها كل معاني المروءة والنخوة والشجاعة .وتعلمنا الكفاح والنضال من اجل استرجاع ارضنا المغتصبة التي لانعرف عنها شيئا , اللهم ما نراه على شاشة التلفاز او ما نقرؤه من التاريخ اوعلى الشبكات العنكبوتية لكن سنبقى متشبثين بحقنا على الاقل حتى نقرر مصيرنا كما تنص على ذلك المواثيق الدولية . ويبقى السؤال مطروحا الى متى سنبقى نحن واشقاؤنا العرب حديثي العهد باللجوء على هاته الحال؟.